يوم القيامة
أخبر الله تعالى عباده في القرآن الكريم عن يوم القيامة وما سيحدث فيه من أمور عظيمة وأحداث هائلة، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)،[١] ومما يدل على شدة الموقف وفظاعته، خوف المؤمنين المبشرين بالجنة في قبورهم من ذلك الموقف العظيم، بل حتى الأنبياء والمرسلين الذين هم في ظل الرحمن يوم القيامة يخافون ذلك الموقف، وعندما يطلب الناس منهم دعاء الله -تعالى- بتعجيل فصل القضاء لهم، يقول كل واحد منهم نفسي نفسي.[٢]
ويمكن تلخيص أحداث يوم القيامة بعدة مراحل؛ أولها حشر الخلائق جميعاً إلى الموقف العظيم، ثم الشفاعة العظمى، ثم أخذ الكتاب باليمين أو الشمال، ثم الميزان، ثم الورود على الحوض، ثم المرور على الصراط، ثم المرور على قنطرة المظالم، ثم دخول الجنة أو النار، وهكذا يمر البشر على هذه المراحل يوم القيامة، وكلما نجوا من مرحلة مروا بالتي تليها إلى أن يدخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة، ومن الجدير بالذكر أن بعض البشر يتخطى بعض المراحل، وهم الذين يدخلون الجنة من غير حساب، ولكنهم يمرون على الصراط، فلا بُد من المرور عليه لكل البشر، وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصراط في قوله: (ويُضرب الصِّراطُ بينَ ظَهري جَهنَّم، فأَكونُ أنا وأُمَّتي أوَّلَ مَن يُجيزُها، وَلا يَتكلَّم يَومئذٍ إلَّا الرُّسلُ، وَدَعوى الرُّسلِ يَومَئذٍ: اللَّهمَّ سلِّم سلِّم!).[٣][٢]
علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى
يمكن القول أن علامات القيامة هي الأحداث التي تسبق قيام الساعة، وتُنبىء باقتراب أجلها، وقد قُسّمت إلى علامات كبرى وعلامات صغرى، ومن الجدير بالذكر أن علامات القيامة الصغرى تسبق القيامة بفترة زمنية طويلة، ومنها ما قد وقع وانتهى، ومنها ما وقع ولا يزال قائماً، ومنها ما لم يحدث بعد، ولكنه سيحدث حتماً في المستقبل كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما علامات القيامة الكبرى؛ فهي التي تسبق قيام الساعة بفترة زمنية قصيرة، وهي أحداث عظيمة خارجة عن المألوف.[٤]
علامات يوم القيامة الصغرى
ذكر العلماء في كتبهم الكثير من علامات القيامة الصغرى التي ظهرت والتي لم تظهر بعد، ويمكن بيان بعضها في ما يأتي:[٥]
- بعثة النبي عليه الصلاة والسلام: كانت بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علامة على اقتراب قيام الساعة، لا سيما أنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ولن يُبعث نبي بينه وبين قيام الساعة، وقد دل على ذلك ما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بُعثتُ أنا والساعةُ كهاتَين)، ويقرنُ بين أصبعَيه السَّبَّابةَ والوُسطى،[٦] وقد أكد القرطبي -رحمه الله- على أن بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول علامات القيامة.
- انشقاق القمر: انشقاق القمر يدل على اقتراب يوم القيامة، مصداقاً لقول الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)،[٧] وقد تواترت الأحاديث الدالة على وقوع حادثة انشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت أحد المعجزات الباهرة الدالة على صدق نبوّته، ومن هذه الأحاديث ما رُوي بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (بينما نحن مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمِنًى، إذا انفلق القمرُ فِلقتَينِ، فكانت فلقةٌ وراءَ الجبلِ، وفلقةٌ دونه، فقال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اشهَدوا)،[٨] وقد أكد الكثير من العلماء ومنهم ابن كثير، وابن رجب رحمهما الله، على أن انشقاق القمر كان من علامات القيامة، وأنه حدث في مكة قبل الهجرة.
- نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل لها ببصرى: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن خروج هذه النار من علامات القيامة، حيث قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى تخرجَ نارٌ من أرضِ الحجازِ، تضيءُ أعناقَ الإبلِ ببُصْرَى)،[٩] وقد حدثت هذه العلامة في سنة 654هـ، وقد وصف الكثير ممن عاصروا تلك الفترة الزمنية ذلك الحدث العظيم، ومنهم الإمام النووي -رحمه الله- حيث قال: (خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت نارا عظيمة جدا، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة).
- ظهور الدجالين وأدعياء النبوة: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات القيامة ظهور الدجالين وأدعياء النبوّة الذين ينشرون الفتن بأكاذيبهم، حيث قال: (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يُبعَثَ دجَّالونَ كذَّابونَ قريبٌ من ثلاثينَ، كلُّهم يزعمُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ)،[١٠] وقد ظهر الكثير من أدعياء النبوة في أواخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم الأسود العنسي الذي ارتد وادّعى النبوة في اليمن، وسيطر أتباعه على أغلب اليمن، ثم أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتاباً للمسلمين في اليمن يدعوهم للتصدي له، فقتلوه في بيته بمساعدة زوجته التي كانت مؤمنة بالله ورسوله، ومنهم كذلك مسيلمة الكذاب الذي ادّعى أنه أشرك في النبوة مع النبي عليه الصلاة والسلام، فأرسل أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- جيشاً بقيادة خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم، فهزموه شر هزيمة، وقُتل مسيلمة على يد وحشي.
علامات يوم القيامة الكبرى
ورد ذكر علامات القيامة الكبرى في عدة أحاديث نبوية شريفة، وقد تمكن العلماء من حصر عددها بعشر علامات، ولكنهم اختلفوا في ترتيبها الزمني، بسبب عدم ورود نص يُبيّن ترتيبها، بالإضافة إلى اختلاف ترتيبها من رواية إلى أخرى، وقد وردت العلامات كلها في الحديث الذي رُوي عن حذيفة بن أسيد الغفاري، حيث قال: (اطَّلع النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون ؟ قالوا: نذكر الساعةَ، قال: إنها لن تقومَ حتى ترَون قبلَها عشرَ آياتٍ، فذكر الدخانَ، والدجالَ، والدابةَ، وطلوعَ الشمسِ من مغربِها، ونزولَ عيسى ابنِ مريم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خُسوفٍ: خَسفٌ بالمشرقِ، وخَسفٌ بالمغربِ، وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ، وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمنِ، تطردُ الناسَ إلى مَحشرِهم).[١١][١٢]
المراجع
- ↑ سورة الحج، آية: 1،2.
- ^ أ ب "مراحل يوم القيامة وأهوالها"، 19-6-2002، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7437، صحيح.
- ↑ "علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى"، www.islamqa.info، 31-01-2006، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن سليمان الغفيلي (1422ه)، أشراط الساعة (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 45-58. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 867، صحيح.
- ↑ سورة القمر، آية: 1،2.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2800، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7118، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2901، صحيح.
- ↑ "علامات القيامة الكبرى"، www.ar.islamway.net، 2014-01-09، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.