أشراط الساعة
يُعرف الشرط الذي هو مفرد لفظ أشراط في اللغة بأنه العلامة؛ حيث قال الله تعالى: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)،[١] والساعة في التعريف اللغوي لها هي الجزء من وقت النهار أو من وقت الليل، وجمع الساعة ساعات، أما الساعة اصطلاحاً فتُطلق على الوقت الذي تقوم به القيامة، وسميت بذلك بسبب السرعة التي تكون فيها للحساب، أو بسبب مجيئها بغتة وفجأة بالنسبة للناس، وبمجيئها يموت كلّ الناس بصيحة واحدة، وبجمع لفظي الساعة والعلامات يتكوّن مصطلح علامات الساعة الذي يُطلق على العلامات التي تسبق الساعة وتدلّ على قرب وقوعها وحدوثها، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا أحد يعلم وقت قيام الساعة إلا الله سبحانه وحده، فهو من العلم الذي استأثر به؛ حيث قال الله تعالى: (يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجَلّيها لِوَقتِها إِلّا هُوَ ثَقُلَت فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لا تَأتيكُم إِلّا بَغتَةً يَسأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ اللَّـهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ)،[٢] وبالرغم من أن الله تعالى استأثر بذلك إلا أنّه جعل بعض العلامات التي تدلّ على قرب وقوع وقيام الساعة، ومنها العلامات الصغرى والكبرى، وفيما يأتي بيانٌ لكلا النوعين.[٣]
علامات الساعة الصغرى
بيّن العلماء وفصّلوا في العلامات والدلالات الصغرى ليوم القيامة، وفيما يأتي بيانها على نحوٍ مفصّلٍ:[٤]
- بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي سهل بن سعد الساعديّ أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (بعثتُ أنا والساعةُ كهذه منْ هذه، أو كهاتينِ، وقرنَ بينَ السبابةِ والوسطى)،[٥] فالحديث السابق يدلّ على قرب قيام الساعة، وشبّه ذلك بقرب إصبع السبابة من إصبع الوسطى.
- انشقاق القمر الذي كان في عهد محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ)،[٦] وما يدلّ على انشاق القمر في زمن الرسول عليه السلام ما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (انْشَقَّ القمرُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فِرْقَتَينِ: فِرقَة فوقَ الجبلِ، وفِرقة دونَهُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (اشْهَدُوا).[٧]
- وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وفتح بيت المقدس، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: (اعددْ ستًا بين يديْ الساعةِ: مَوْتِي، ثم فَتْحُ بيتِ المقدسِ)،[٨] وقد فُتِحَ بيت المقدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- ظهور الدجالين والكذابين الذين يدّعون النبوّة، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يُبعَثَ دجَّالونَ كذَّابونَ قريبٌ من ثلاثينَ . كلُّهم يزعمُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ)،[٩] وقد ظهر عدد كبير منهم، مثل: مسيلمة الكذّاب، والمرأة التي ادّعت النبوّة ثمّ تابت عن ذلك الفعل وأعلنت إسلامها التي تُعرف بسجاح، وطيحة بن خويلد الأسدي الذي أسلم فيما بعد، والأسود العنسي الذي ظهر في صنعاء وقُتل على يدي فيروز الديلمي، وغيرهم من مدعي النبوّة.
- تضييع الأمانة بإسناد الأمور إلى غير أهلها، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي أبي هريرة أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (إذا ضُيِّعت الأمانةُ فانتظِرِ السَّاعةَ، قال: كيف إضاعتُها يا رسولَ اللهِ؟ قال : إذا أُسنِد الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظِرِ السَّاعةَ).[١٠]
- ظهور النساء اللاتي يطلق عليهن الكاسيات العاريات، كما في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (صنفانِ من أهلِ النارِ لم أرَهما، قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربون بها الناسَ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ مائلاتٌ)،[١١] والمقصود من الحديث أنّ النساء الكاسيات العاريات هنّ اللاتي يلبسن الثياب التي لا تستر جميع البدن، أو أنها شفافة تُظهر ما تحتها، أو ضيّقة تبرز الجسد.
- انتشار الربا والزنا، وكثرة القتل، وظهور المعازف واستحلالها، ورجوع أرض العرب مروجاً وأنهاراً، وارتفاع شأن ومكانة المفسدين في الأرض.
علامات الساعة الكبرى
علامات الساعة الكبرى هي آخر ما تشهده الأرض، وهي عشر علامات ودلائل، وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء اختلفوا في الترتيب الزمني الصحيح لها، وذلك بسبب اختلاف ترتيبها في الروايات التي نصّت عليها، إلّا أنّ المعلوم بما يخصّ ظهور العلامات الكبرى للساعة أنها تتابع بظهور أول علامة منها، وظهورها يسبب الفزع والخوف في القلوب والنفوس لأنها غير مألوفة بالنسبة للبشر، وفيما يأت بيان لعلامات الساعة الكبرى:[١٢]
- ظهور الدجال.
- نزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيدِه! ليوشِكنَّ أن يَنزِلَ فيكُمُ ابنُ مريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حكَمًا مُقْسِطًا، فيَكسِرَ الصليبَ، ويقتُلَ الخِنزيرَ، ويضَع الجِزيَةَ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يَقبلَه أحدٌ).[١٣]
- خروج يأجوج ومأجوج، حيث قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ*وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا).[١٤]
- طلوع الشمس من جهة الغرب.
- خروج الدابة، حيث قال الله عز وجل: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).[١٥]
- الدخان.
- خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب.
- النار التي تسوق الناس إلى أرض المحشر.
المراجع
- ↑ سورة محمد، آية: 18.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 187.
- ↑ "أشراط الساعة (معناها ودلائلها)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "علامات الساعة الصغرى"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 5301، صحيح.
- ↑ سورة القمر، آية: 1.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4864، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 3176، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6496، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2128، صحيح.
- ↑ "علامات القيامة الكبرى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 155، صحيح.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 96-97.
- ↑ سورة النمل، آية: 82.