خلق الله
خلق الله سبحانه وتعالى أصنافًا متنوّعة من المخلوقات، التي اختلفت فيما بينها في أصل الخلقة والمنشأ، كما اختلفت في صفاتها وسماتها، ومن بين تلك المخلوقات الجنّ والشّياطين، وقد تحدّث عن عالمهم الله سبحانه وتعالى في كتابه، كما وردت أحاديث نبويّة شريفة في وصفه، وإنّ هذا العالم بلا شكّ يختلف عن عالم الإنس الذي ننتمي إليه اختلافًا بيّنًا واضحًا، فما هو هذا العالم الغائب عنا؟ وما الفرق بين الجنّ والشّياطين؟
أصل خلق الجنّ
خاطب الله عز وجل في كتابه الكريم الإنس والجنّ بخطابٍ واحد عندما بيّن سبب خلقهم، قال تعالى: (وما خلقتُ الجنّ والإنس إلا ليعبدون )، فالعبادة لله تعالى واجبة على كلّ من الإنس والجن بدون استثناء، وقد بيّن الله تعالى اختلاف خلق كلّ منهم، فالإنس خُلقوا من طين، بينما الجنّ فخُلقوا من مارجٍ من نار، لذلك كانت طبائع وصفات كلّ منهم مختلفة عن الآخر، وقد قدّر الله سبحانه وتعالى أن يخلق الجنّ قبل الإنس، وهذا ما تدلّ عليه الآيات الكريمة حينما خلق الله آدم وأمر الملائكة بالسّجود له، وقد كان إبليس من بين المأمورين بالسّجود، إذ أكرمه الله تعالى كما ورد في الأثر بأن جعله من ملائكته المقرّبين لاجتهاده في العبادة لله، ولكنه أبى إلا عصيان أمر الله فكان من الأشقياء الملعونين.
الفرق بين الجنّ والشّياطين
أمّا الفارق بين الجنّ والشّيطان فالجنّ هو اسم لجنس الخلق ونوعه، وهو من جنّ أي سَتر وتغشّى، فيقال جنّ اللّيل أي سَتر وتغشّى، وسمّي الجنّ كذلك لأنّهم مستورون عن أعين البشر بعيدين عن أنظارهم، أمّا الشّياطين فهم العصاة المخالفين لأمر الله الحائدين عن منهجه من هذا النّوع والجنس، والشّيطان لغةً من شطن أي بَعُدَ، وسمّي الشّيطان كذلك لأنّه بعيد عن رحمة الله تعالى، وبالتّالي فإنّ الجنّ ينقسمون إلى قسمين جنّ مؤمن، وقد ثبت عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه أتاه وفد جنّ نصيبين، فاستمعوا إلى القرآن الكريم فآمنوا برسالة الإسلام، وقد طلبوا من النّبي الكريم الزّاد، فدعا لهم الله تعالى ألا يجدوا روثًا أو عظمًا إلا كان طعامًا لهم، والقسم الثّاني من الجنّ هم الشّياطين وهم جنّ كفّار عصاة من جنس إبليس عليه لعنة الله، وهم من حملوا على عاتقهم المهمّة الكبرى في إضلال البشر والوسوسة لهم، وإنّ من خصائص النّوعين من الجن عدم قدرة البشر على رؤيتهم، وهم قد يتمثّلون في هيئة أصناف من الحيوانات، ففي الحديث الشريف أنّ الكلب الأسود هو شيطان، أعاذنا الله من كفارهم.