تعريف الزكاة
تعرّف الزكاة لغةً بأنّها: النماء، والبركة، والزيادة، والطهارة، فيُقال مثلاً: زكا الزرع، أي حصل منه نموٌ وبركةٌ، أمّا الزكاة شرعاً فقد ورد لها تعريفات كثيرة ومتقاربة في الشريعة الإسلامية، منها: أنّها إيتاء جزء مقدّر من النّصاب الحولي إلى الفقير لله تعالى، وقال الشافعية أنّ الزكاة هي اسمٌ صريحٌ لأخذ شيءٍ مخصوصٍ، من مالٍ مخصوصٍ، على أوصافٍ مخصوصةٍ، لطائفة مخصوصةٍ، وقال الحنابلة بأنّ الزكاة حقٌّ واجبٌ في مالٍ مخصوصٍ، لطائفةٍ مخصوصةٍ، في وقتٍ مخصوصٍ، والعلاقة بين المعني اللغوي والشرعي جليّة وقوية، حيث يقول الشيخ صالح الأزهري: (ومناسبة الشرعي للغوي، هي من جهة نمو الجزء المخصوص عند الله تعالى، ومن جهة تطهير المال، وحصول البركة فيه، ونموّه بالربح والإثمار، وتطهير صاحبه من الذنوب، وحصول البركة له)، قال الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ).[١][٢]
الحكمة من الزكاة
ما جاء الدين الإسلامي إلّا بمحاسن الأمور وأفضلها، وما يحقّق لأفراد المجتمع المسلم المصالح العظيمة، والآثار الكبيرة والمباركة في الدنيا والآخرة، ومن هذه التشريعات الحكيمة فرضيّة الزكاة التي لها من الفوائد والعواقب الحميدة الشيء الكثير، سواءً على المزكّي أو الآخِذ، وفيما يأتي بعضٌ من هذه الحكم والفوائد:[٣]
- تدلّ الزكاة على صحّة إيمان مؤدّيها، ومدى تصديقه بأحكام الله تعالى، وامتثاله لها، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (والصدقةُ برهانٌ).[٤]
- تنقّي الزكاة صاحبها من البخل والشح، وتزكّيه من الآثام والذنوب والخطايا، فقد قال الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ).[١]
- تحقيق الهدى والفلاح، فمن يؤديها بطيب نفسٍ يزيده الله إيماناً وهدى.
- الزكاة سببٌ في قضاء الحوائج، وتيسير الأمور، فكما يفرّج بها المزكي على محتاجيها، فإنّ الله تعالى يجازيه من جنس عمله، ويفرّج كربه، ويستره يوم القيامة.
- نيل ثناء الله تعالى، والأجر العظيم منه، فقد قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).[٥]
- تطهير المال من حقوق الخلق فيه، ممّا يجلب البركة للمال، ويبعد عنه الآفات والشرور.
- زيادة المال، وحصول النماء فيه، فالله تعالى يُعطي المزكّي خيراً ممّا أنفق، ويبارك له فيما أبقى.
- تزكّي الفقراء والمحتاجين، فحين تُعطى لهم الزكاة تُسدّ حاجتهم، وتغنيهم عن السؤال، وعن النظر لما في أيدي غيرهم من الناس، ممّا يحفظ نفوسهم وكرامتهم، ويعينهم على الانشغال بطاعة الله تعالى.
- التخفيف عن كلّ من فُرضت لهم الزكاة، ومَن ستُعطى لهم، مثل: الغارم صاحب الدين والمنشغل به، والمجاهدون في سبيل الله المحتاجون للدعم والتجهيز، وابن السبيل الذي انقطع عن ماله وأهله، وغيرهم.
- نشر المودة والمحبة بين قلوب المؤمنين، والعطف على المحتاج، والشعور به والإحسان إليه، فالنفوس بطبيعتها قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها.
حكم الزكاة
تعدّ الزكاة فرضاً من فرائض الإسلام، وثالث ركنٍ من أركانه، وقد ثبت ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، فمن القرآن الكريم قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،[٦] ومن السنة النبوية قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ، علَى أنْ يعبَدَ اللهُ ويُكْفَرَ بمَا دونَهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)،[٧] كما أنّ المسلمين أجمعوا وأصبح من المعلوم من الدين بالضرورة أنّ الزكاة فرض على المسلمين، وبالتالي فمن أنكر وجوبها وهو يعلم بحكمها فقد كفر، ومن أقرّ بفرضيّتها ولكنّه بخل بها، فقد ارتكب إثماً عظيماً يستحقّ العقوبة من الله عليه.[٨]
شروط وجوب الزكاة
لا تصحّ الزكاة في الأموال وغيرها إلا بتوافر شروط في المزكّي وفي المال، وفيما يأتي بيانها:[٩]
- الإسلام: فلا تجب الزكاة على الكافر، ولا تقبل منه، ولكنّ الكفّار يحاسبون على عدم التزامهم بفروع الإسلام.
- الحرية: فالعبد لا يملك المال، وإن ملكه فهو لسيّده، فملك العبد للمال ملك غير مستقر كملك الحر للمال، وبناءً على ذلك فالزكاة تجب على مالك المال لا على المملوك.
- امتلاك النصاب: هو حدٌّ قدّره الشرع، لا بد للمال أن يبلغه حتى تجب فيه الزكاة، ويختلف النصاب باختلاف الأموال.
- مرور الحول: وهو زمن معيّن حدده الشرع تجب فيه الزكاة، ويُستثنى من ذلك: ربح التجارة، ونتاج السائمة، والزروع، والثمار.
مصارف الزكاة
لأموال الزكاة أهل تُعطى وتُصرف لهم، وقد حدّدهم الشرع، حيث قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)،[١٠] وفيما يأتي بيان ذلك:[١١]
- الفقراء والمساكين: وهم الذين لا يملكون مالاً يكفيهم، ويسدّ من حاجاتهم، والفرق بين الفقير والمسكين أن الفقير يملك الشيء القليل أو لا يملكه مطلقاً، أمّا المسكين فهو الذي يملك البعض مما يحتاجه، وحاله أفضل من حال الفقير.
- العاملون على الزكاة: وهم الأشخاص الذين يُكلّفهم ولي الأمر بجباية الزكاة، وأخذها من النّاس.
- المؤلفة قلوبهم: وهم الأشخاص الذين يراد استمالة قلوبهم إلى الدين، أو زيادة دينهم، أو كفّ شرّهم عن الناس.
- في الرقاب: أي صرف أموال الزكاة في إعتاق الرقاب، أو إعتاق الأسرى.
- الغارمون: وهم المدينون الذين عجزوا عن سدادها.
- في سبيل الله: وهم المجاهدون في سبيل الله تعالى.
- ابن السبيل: وهو الذي انقطع عن بلده وأهله، ونفذ ماله أو انسرق، فإنّه يُعطى من الزكاة مالاً يؤمّنه، ويوصله لبلده، حتى وإن كان غنيّاً في بلده.
المراجع
- ^ أ ب سورة التوبة، آية: 103.
- ↑ د. أحمد بن محمد الخليل (6-4-2014)، "تعريف الزكاة والدين لغةً واصطلاحاً"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.
- ↑ الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر (2-8-2017)، "الحكمة من مشروعية الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 223، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 274.
- ↑ سورة النور، آية: 56.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑ الشيخ عبد الله بن صالح القصيِّر (17-5-2017)، "حكم الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.
- ↑ محمد بن صالح العثيمين (28-6-2008)، "ما هي شروط وجوب الزكاة؟"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 60.
- ↑ ابن باز، "مصارف الزكاة"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.