فوائد إخراج الزكاة

كتابة - آخر تحديث: السبت ٢١ يوليو ٢٠١٩

إنّ من بين أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها الدّين ركنٌ في غاية الأهميّة في حياة المسلمين، وهو ركن الزّكاة؛ فالزّكاة هي جزءٌ من المال يقتطع من أموال المسلمين التي بلغت حدًاً ونصاباً معيّنا تجب فيه الزّكاة، ويدفع هذا الجزء المقتطع من المال إلى المحتاجين، والفقراء، وغيرهم، ممّن عدّدهم الله تعالى في كتابه كمصارف لأموال الزّكاة.

وإنّ الزّكاة بلا شكّ لا تجب في مال المسلم فقط، وإنّما تجب في الزّروع، وعروض التّجارة، وغير ذلك من أشكال الكسب؛ فهي حقّ معلوم كما وصفها الله تعالى في كتابه للسّائل والمحروم، وإنّ المسلم المؤمن حين يدفع زكاة أمواله فإنّه يعلم علم اليقين أنّ هذا الرّكن ليس غرامةً أو ضريبةً من الضّرائب، وإنّما هو فرضٌ له آثاره وفوائده في حياة المسلم والمجتمع الإسلامي ككلّ، وفي هذا المقال سنذكر بعضاً من هذه الفوائد.


فوائد إخراج الزكاة

إنّ لإخراج الزّكاة فوائداً عظيمةً تعود على الفرد والمجتمع، ومنها: (1)

  • إكمال إسلام الإنسان، وذلك لأنّها ركن أساسيّ من أركان الإسلام.
  • طاعة الله عزّ وجلّ وتنفيذ أوامره، وذلك رغبةً وطمعاً في ثوابه، وخشيةً ورهبةً من عقابه.
  • تقوية العلاقات وتثبيت المحبّة بين الغني والفقير، وذلك لأنّ النّفوس قد فُطرت على حبّ من أحسن إليها.
  • تزكرة النّفس وتطهيرها، والابتعاد عن البخل والشحّ، وذلك كما في قوله تعالى:" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا "، التوبة/103.
  • تربية المسلم على الجود بماله، والعطف على المحتاجين، والكرم، وإنزال الرّحمة بالفقراء وأصحاب الحاجات.
  • وقاية النّفس من الشحّ، قال تعالى:" ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "، الحشر/9.
  • زيادة الخير والبركة من الله عزّ وجلّ في الأموال، قال تعالى:" وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ "، سبأ/39.
  • دليل على صحّة وصدق إسلام من أخرجها، وذلك لحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، وفيه:" والصّدقة برهان ...."، رواه مسلم.
  • تُلحق المسلم بصفة الإيمان الكامل، وذلك لحديث أنس رضي الله عنه، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه - أو قال - لجاره ما يحبّ لنفسه "، رواه مسلم.
  • سبب من أسباب دخول الجنّة، وذلك لحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إنّ في الجنّة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصّيام، وأفشى السّلام، وصلّى بالليل والنّاس نيام "، رواه أحمد.
  • تؤدّي إلى أن يكون المجتمع متماسكاً، يرحم قويّه ضعيفه، وبالتالي يشعر صاحب المال بوجوب الإحسان إلى من سواه من النّاس كما أحسن الله عزّ وجلّ إليه.
  • تمنع حدوث الجرائم الماليّة، مثل: السّرقة، والنّهب، وذلك لاستغناء الفقراء من خلال هذه الزّكاة والصّدقات.
  • تنجي من حرّ يوم القيامة، وذلك لحديث عقبة ابن عامر رضي الله عنه، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" كُلُّ امرِئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُفْصَلَ بينَ الناسِ، أو قال حتى يُحْكمَ بينَ الناسِ "، رواه الألباني.


منزلة الزكاة

إنّ للزكاة خصائصاً منحتها منزلةً عظيمةً في الإسلام، منها: (1)

  • أنّها الرّكن الثّالث من أركان الإسلام، وذلك لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت "، متفق عليه، وقد ورد في لفظ لمسلم:" بني الإسلام على خمس: على أن يعبد الله ويكفر بما دونه، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وحجّ البيت، وصوم رمضان ".
  • أنّها ذكرت مقرونةً بالصّلاة في القرآن الكريم، وهذا يدلّ على ارتفاع شأنها وعلوّ مكانتها، قال تعالى:" وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ "، البقرة/43، وقال تعالى:" وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ "، البقرة/83.
  • أنّها ذكرت في السّنة النّبوية بشكل مخصّص، وهذا يدلّ على علوّ شأنها في الإسلام، فقد وردت الأحاديث التي تحثّ على إخراجها، وتبيّن وجوبها، وتوضّح إثم من يتركها، وتبيّن صنوف من تجب فيهم الزّكاة.
  • أنّها ذكرت في الشّرائع السّابقة، فقال الله عزّ وجلّ حينما تكلم عن إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب:" وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ "، الأنبياء/73.
  • أنّها جلبت مدح الله عزّ وجلّ للقائمين بها، قال تعالى:" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا "، مريم/54-55.


شروط الزكاة

إنّ من أهمّ الشروط التي يجب أن تنطبق على المال الذي تجب فيه الزّكاة، ما يلي: (3)

  • أن يكون المال مملوكاً لمعيّن.
  • أن تكون مملوكيّته مطلقاً، أي كونه مملوك رقبةً ويداً.
  • أن يكون نامياً.
  • أن يكون زائداً عن الحاجات الأصليّة.
  • أن يمرّ عليه الحول.
  • أن يبلغ النّصاب، فالنّصاب في كلّ نوع من أنواع المال يكون مختلفاً.
  • أن يكون سليماً من وجود المانع، مثل أن يكون عليه دين ينقص من النّصاب.


مصارف الزكاة

إنّ أهل الزّكاة هم الجهات التي تُصرف فيها الزّكاة، وقد بينهم الله عزّ وجلّ في قوله تعالى:" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "، التوبة/60.

ومصارف الزّكاة ثمانية أصناف، وهي: (2)

  • الفقراء: والفقير هو من لا يجد من كفايته إلا شيئاً قليلاً أقلّ من النّصف، فلو كان الشّخص لا يجد ما ينفق على نفسه وعلى عائلته مقدار نصف سنة فهو فقير، ويُعطى ما يكفيه هو وعائلته قدر سنة.
  • المساكين: والمسكين هو من لا يجد من كفايته النّصف فأكثر، ولكنّه لا يجد ما يكفيه سنةً كاملةً، فيكمل له نفقة السّنة، ولكن في حال لم يكن لدى الرّجل نقود، ولكن لديه مورد آخر، مثل: حرفة، أو راتب، أو أي شيء يستغلّ، فإنّه لا يمنح من مال الزّكاة، وذلك لقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:" لا حظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب "، سنن أبي داوود.
  • العاملون عليها: وهم من توكلهم الدّولة بجباية الزّكاة من أهلها، وإيصالها إلى مستحقّيها، فهم يعطون من الزّكاة بقدر عملهم حتّى وإن كانوا أغنياء.
  • المؤلفة قلوبهم: ويقصد بها رؤساء العشائر الذين لا يكون إيمانهم قويّاً، فإنّهم يعطون من الزّكاة حتى يقوى إيمانهم.
  • الرّقاب: يدخل في هذا الباب شراء الرّقيق من أموال الزّكاة، وإعتاقهم، وفكّ الأسرى، ومعاونة المكاتبين.
  • الغارمون: وهم الأشخاص المدينون، وذلك في حال لم يكون لديهم ما يوفون به دينهم، وبالتالي يعطون من أموال الزّكاة ليسدّوا ديونهم سواءً أكانت قليلةً أم كثيرةً.
  • في سبيل الله: ومعنى ذلك أنّ المجاهدين يعطون من الزّكاة قدر ما يكفيهم لجهادهم، ويشترى من أموال الزّكاة آلات الجهاد في سبيل الله تعالى.
  • ابن السّبيل: وهو من كان مسافراً وانقطع به السّفر، فهو يعطى من الزّكاة ما يوصله لبلده.


نصيب مصارف الزكاة

إنّ لكلّ مصرف من مصارف الزّكاة نصيباً على سبيل الإجمال على الشّكل التالي: (4)

  • يدفع لكلّ صنف من مصارف الزّكاة ما تُدفع وتُقضى به حاجته من غير زيادة، فمثلاً يُعطى ابن السّبيل ما يبلغ ويصل به إلى بلده، ويعطى الغازي ما يكفي لغزوه، ويعطى العامل بمقدار أجر عمله.
  • يأخذ أربعة أصناف أخذاً مستقرّاً، وبالتالي فلا يُراعى حالهم بعد الدّفع، وهؤلاء هم المساكين، والفقراء، والمؤلفة قلوبهم، والمساكين، فمتى ما أخذوا الزّكاة فإنّهم قد ملكوها ملكاً دائماً، ولا يجب ردّها بأيّ حال من الأحوال.
  • يأخذ أربعة أصناف أخذاً مراعىً، وهم الغارمون، وفي الرّقاب، وابن السّبيل، وفي سبيل الله، فإنّهم إن صرفوه في الجهة المستحقّة لأجلها، وإلا فإنّه يسترجع منهم.
  • يأخذ أربعة منهم مع غناهم، وهم الغزي، والعامل، والمؤلّف، والغارم للإصلاح، وذلك لأنّهم يأخذون لحاجة المسلمين إليهم.
  • يأخذ من اجتمع فيه سببان للزكاة بكلّ واحد منهما منفرداً، مثل الفقير الغارم، حيث أنّه يعطى ما يقضي دينه، ثمّ يعطي ما يسدّ حاجته به ويغنيه.
  • من المستحبّ صرف الزّكاة للمحتاجين من الأقارب، والذين لا تلزم نفقتهم صاحب المال.


المراجع

(1) بتصرّف عن كتاب منزلة الزكاة في الإسلام/ د. سعيد بن علي القحطاني/ مطبعة السفير- الرياض/ الجزء الأول.

(2) بتصرّف عن كتاب فصول في الصيام والتراويح والزكاة/ محمد بن صالح العثيمين/ الجزء الأول.

(3) بتصرّف عن الموسوعة الفقهية الكويتية/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت.

(4) بتصرّف عن كتاب مصارف الزكاة في الإسلام/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة السفير- الرياض/ الجزء الأول.

152 مشاهدة