الزكاة
الزكاة ركن من أركان الإسلام، الذي يحقّق التكافل الاجتماعي بين الأفراد، ويحفظ توازن المجتمع، بإعطاء الغني من ماله للفقراء، فلو أنّ كلّ غني أدّى ما عليه من الزكاة الواجبة في أموله لاندثر الفقر من المجتعات، فكانت الزكاة من أهم الوصايا التي أملاها النبي عليه الصلاة والسلام على الصحابة الذين ابتعثهم لنشر رسالة الإسلام، فالله تعالى شرع الزكاة تطهيراً للمال، ولنفوس الفقراء والأغنياء، حيث قال الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)،[١] فنفس الغني تتطهّر من الكبر، فالمالك الحقيقي للمال الله سبحانه، وتتطّهر نفس الفقير من بإزالة ما يعلق بها من الحقد على أصحاب الأموال، فتتركّز معاني الأخوّة بين الأفراد، تحقيقاً لقول الله تعالى: (فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخوانُكُم فِي الدّينِ)،[٢] كما أن الزكاة من الأسبات التي تُدخل الجنة، وتُحقّق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ووردت مقرونة بالصلاة في أكثر اثنين وثمانين موضع في القرآن الكريم، ممّا يدلّ على أهميتها حيث إنها اقترنت بعمود الدين، وأهم أركان الإسلام، وفي المقابل فقد حذّر الشرع من منع الزكاة وعدم إخراجها، ووصف الله تعالى مانعي الزكاة بالمشركين أو الكفار في نصّ القرآن الكريم، حيث قال: (وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ*الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)،[٣] ومن الجدير بالذكر عدم وجود أي علاقة بين الضرائب التي تفرضها الدولة، وبين عدم إخراج الزكاة، فالضرائب لا تحلّ محلّ الزكاة.[٤]
زكاة الأسهم
اختلف العلماء في كيفية إخراج زكاة الأسهم، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوال، وفيما يأتي بيان ذلك بشكلٍ مفصلٍ:[٥]
- القول الأول: دلّ القول الأول للعلماء على وجوب الزكاة في الأسهم زكاة تجارة، بالنظر إلى العمل اتي تقوم به الشركة، فإن كانت تعمل بالصناعة فتكون الزكاة في الربح فقط، وإن كانت تعمل بالتجارة فتكون الزكاة في الأسهم بعد خصم قيمة الأصول الثابتة من كل سهم، واستدلوا بقولهم أن الزكاة ليست واجبة في أداوت القنية، وقيمة أسهم الشركات الصناعية توجد في الآلات والمنشآت وغيرها، بخلاف أسهم الشركات التجارية، كما أن معدات الصناعية مأخوذة للاستفادة منها.
- القول الثاني: وجوب الزكاة في الأسهم بالنظر إلى نية صاحبها، ونوعيتها، فإن كانت النية قائمة على الاستفادة من الربح العائد من الأسهم، فزكاتها تكون بالنظر إلى الشركة، فإن كانت زراعية مثلأً فتزكّى الأسهم زكاة الزروع، وإن كانت الشركة صناعية فتزّكى الأسهم من صافي الأرباح زكاة تجارة، وإن كانت الشركة تجارية فالزكاة تجب في القيمة الحقيقة للأسهم، بعد خصم الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية، وإن كانت نية صاحبها من تملّك الأسهم البيع والشراء؛ فتجب الزكاة فيها زكاة عروض التجارة، بالنظر إلى القيمة السوقية لها، ودون النظر إلى نوع الشركة المساهمة، واستدّلوا بأن الأسهم حصة من أموال الشركة، فتأخذ حكم زكاتها، إن كانت صناعية أو تجارية أو زراعية، ووجوب الزكاة على الإسهم إن كانت بنية المتجارة بها، لأنها أصبحت كعروض التجارة فاختلفت عن الأسهم الحقيقية.
- القول الثالث: وجوب الزكاة على الأسهم زكاة تجارة سواءً كانت في شركة تجارية أو صناعية أو زراعية، وساءً كان القصد منها الاستفادة من ربحها وعائدها، أو للتجارة بها، وقال في ذلك القرضاوي: (إن كان المزكي هو الفرد المساهم، فإن كانت الشركة فأوجب زكاة التجارة في أسهم الشركات التجارية بعد خصم الأصول الثابتة، وأما الشركات الصناعية فتجب الزكاة في صافي ريعها بمقدار العشر كما في زكاة المستغلات)، واستدلوا بأن الهدف من الأسهم يتمثّل في التجارة ونيل الربح، دون النظر إلى النية في ذلك، سواءً أكانت للربح أو للتجارة بها.
- القول الرابع: إن أردات الشركة إخراج الزكاة عن جميع المساهمين، فتخرجها كما يخرج الشخص الواحد زكاة أمواله، وتعامل جميع الأموال كأنها أموال شخص واحد، بالنظر إلى نوع المال الواجبة فيه الزكاة، وبالنظر أيضاً إلى النصاب والمقدار الواجب إخراجه، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يُجمَعُ بينَ متفرِّقٍ ولا يُفرَّقُ بينَ مجتمعٍ خشيةَ الصَّدقةِ)،[٦] ويؤخذ من الحديث السابق أن اختلاط الأموال تُعامل معاملة المال الواحد.
ويرّجح من الأقوال السابقة القول الثاني إن أدّى المساهم الزكاة الواجبة عليه، وإن لم يتمكّن المساهم من معرفة موجودات الشركة فعليه إخراج ربع العشر من القيمة الدفترية للسهم، ويرّجح القول الرابع إن كانت الشركة تريد إخراج الزكاة.
حكم الأسهم
يعّرف السهم بأنه الصك أو الوثيقة التي تمثّل الحصة الواحدة في شركة مساهمةٍ ما، وتجدر الإشارة إلى أن جميع الأسهم متساوية في القيمة، وغير قابلة للتجزئة أو التداول بالطرق التجارية، وتبيّن الأسهم حقوق كلّ مساهم له مساهما ما في رأس مال الشركة، كما أن قيمة السهم قابلة للتغيير والتبديل، ويعطي مالكه الحق بالتدخّل في أمور الشركة، ولا يسدّد السهم إلا بعد تصفية الشركة، ولا يأخذ مالكه نصيبه منه إلا بعد سداد الديون، وبناءً على ما سبق فحكم الأسهم الجواز، والدليل في ذلك القياس على ما حدث مع تماضر الأشجعية في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، فبعد المشاورة بين الصحابة تقرّر إعطاءها ثمانون ألف دينار مقابل سهماً لها من التركة التي كانت من الأموال النقدية والعينية، ولا مانع من الأسهم ما دامت لم تدخل حرمة بيع النقد بالنقد.[٧]
المراجع
- ↑ سورة التوبة، آية: 103.
- ↑ سورة التوبة، آية: 11.
- ↑ سورة فصلت، آية: 6-7.
- ↑ "الزكاة ركن الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "زكاة أسهم الشركات"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن سويد بن غفلة، الصفحة أو الرقم: 1469، حسن.
- ↑ "زكاة الأسهم والسندات"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2018. بتصرّف.