الزّكاة في الإسلام
تعدّ الزّكاة من الفرائض العظيمة في الدين الإسلامي؛ فهي الركن الثالث من أركان الإسلام، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الإسلامَ بُنِيَ على خَمسٍ، شَهادةِ أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّهُ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصيامِ رمضانَ وحَجِّ البيتِ)،[١] وقرن الله -تعالى- في القرآن الكريم بينها وبين الصلاة فقال: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)،[٢] وممّا يدلّ على علوّ شأنها ومكانتها العظيمة عناية السنّة النبويّة بها عنايةً دقيقةً والأمر بإخراجها وبيان مقدارها ووجوبها، وبيان الأصناف التي تجب فيها من بهيمة الأنعام والذهب والفضة وعروض التجارة والخارج من الأرض، ومدح الله -تعالى- القائمين بها في غير موضع من القرآن الكريم، منها: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِسماعيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ وَكانَ رَسولًا نَبِيًّا*وَكانَ يَأمُرُ أَهلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِندَ رَبِّهِ مَرضِيًّا)،[٣] وأداء الزّكاة من أسباب دخول االمؤمن للجنّة ونجاته من النّار، كما أنّه يُقاتل مَن منعها.[٤]
كيفيّة زكاة الذهب
تجب الزّكاة في الذّهب إذا توافرت فيه شروط الزّكاة؛ من مِلك النّصاب وحَوَلان الحول وغير ذلك من الشروط، أمّا بالنسبة لنصاب الذّهب فهو عشرون مثقالاً، أو ما يُعادل خمساً وثمانين غراماً من الذّهب الخالص، فإذا بلغ الذّهب النصاب المذكور ومضى على مِلِك صاحبه له حَوْل كامل فتجب فيه الزّكاة بمقدار ربع العشر أو ما يساوي 2.5%، أمّا كيفيّة حساب الزّكاة في الذّهب فهي كالآتي:[٥]
- يتم أولاً قسمة مجموع الغرامات المملوكة من الذّهب على العدد أربعين، والناتج من تلك العملية يكون مقدار الزكاة الواجبة؛ فمثلاً إذا كان مجموع الغرامات المملوكة من الذهب هو 600 غرام، فإنّ مقدار الزكاة الواجبة فيه هي: 15غرام من الذهب.
- تكون زكاة الذهب بما يعادلها من النقود؛ فمثلاً إذا أراد الشخص إخراج زكاة الذهب نقداً فإنّه يقوم بضرب سعر غرام الذهب بعُمْلة بلده بمجموع الغرامات من الذهب ثمّ قسمتها على أربعين، ومثال ذلك: إذا كان الشخص يملك 600 غرام من الذهب وكان سعر الغرام من الذهب يساوي 20 ديناراً فإنّه يُخرج مقداراً من الزكاة بما يعادل 300 دينار.
معنى الزكاة
الزّكاة لها عدّة معانٍ عند أهل اللغة وعند أهل الاختصاص، وفيما يأتي بيان معنى الزّكاة في اللغة العربية وفي الاصطلاح الشرعيّ عند الفقهاء:
- الزّكاة في اللغة اسم، وجمعه زَكاً و زَكَوات، وللزّكاة في اللغة عدّة معان؛ منها: البركة والنماء، والصّلاح، والطّهارة، والزّكاة في اللغة صفوة الشيء، يُقال: زكاة النفس؛ أي طهارتها ونقاوتها وصفاؤها.[٦]
- الزّكاة في الاصطلاح هي تعبّد العبد لله -تعالى- بإخراج حقّ واجب مخصوص شرعاً من مالٍ مخصوصٍ في وقتٍ مخصوصٍ، يُعطى لطائفة مخصوصة، بشروطٍ مخصوصةٍ.[٧]
حُكْم زكاة الذهب
أجمع الفقهاء على وجوب زكاة الذهب من حيث الجملة، مستدلّين على ذلك بما ورد في القرآن الكريم من آيات؛ وممّا جاء في السنّة النبويّة من أحاديث، فمن أدلّة وجوب الزّكاة من القرآن الكريم قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)،[٨] أمّا دليل وجوبها من السنة النبوية المطهرة؛ قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن صاحبِ ذهَبٍ ولا فِضَّةٍ، لا يؤدِّي منها حقَّها، إلَّا إذا كان يومُ القيامةِ، صُفِّحَتْ له صَفائحُ مِن نارٍ، فأُحْمِيَ عليها في نارِ جهنَّمَ، فيُكوى بها جَنْبُه وجبينُه وظَهْرُه، كلَّما برَدَتْ أُعيدَتْ له).[٩]
شروط الزّكاة
للزّكاة عند العلماء شروط وجوب وشروط صحّة وفيما يأتي بيان ذلك:[١٠]
شروط وجوب الزّكاة
يشترط في فرضية الزكاة على العباد عدد من الشروط هي:[١٠]
- الحريّة؛ فلا تجب الزّكاة باتفاق الفقهاء على العبد المملوك؛ لأنّ العبد لا يَملك، بل هو وما في يده مِلك لسيده.
- الإسلام؛ فلا تجب الزّكاة بإجماع الفقهاء على الشخص الكافر؛ لأنّ الزكاة مُطهِّرة للعبد والكافر ليس من أهل الطُهر، أمّا بالنسبة للشخص المرتدّ فقد ذهب فقهاء الشافعيّة خلافاً لغيرهم من الفقهاء إلى القول بوجوب الزّكاة على ماله قبل ردّته.
- البلوغ والعقل؛ ذهب فقهاء الحنفيّة إلى اشتراط كلّ من العقل والبلوغ في وجوب الزّكاة؛ فلا تجب الزكاة عندهم على الصبيّ والمجنون، وقد استدلوا على ذلك بأنّ الصبي والمجنون غير مخاطبين بالعبادة ومن بينها الزّكاة، أمّا جمهورالفقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة فذهبوا إلى عدم اشتراط العقل والبلوغ في الزّكاة؛ وأنّها تجب في مال الصبيّ والمجنون كغيرهما من النّاس ويُخرجها عنهما الوليّ من مالهما.
- المِلْك التام للمال؛ ذهب فقهاء الحنفيّة إلى أنّ المقصود هو مِلْك الحيازة، فلا تجب الزّكاة في المال الذي استولى عليه العدوّ وأحرزه بيده، وذهب المالكيّة إلى أنّ المقصود هو أصل الملك والقدرة على التصرّف، وقال الشافعيّة بأنّه توافر أصل المِلْك والقدرة على التصرّف، وقال الحنابلة بأنّه توافر أصل المِلْك والقدرة على التصرّف حسب اختياره.
- مضيّ عام، أو حَوَلان حول قمريّ على مِلْك النصاب، وهذا شرط في زكاة الأثمان؛ الذهب والفضة، وعروض التجارة، والماشية.
- عدم الدَيْن؛ وهذا شرط اشترطه فقهاء الحنفيّة فيما عدا الزّروع والثمار، واشترطه الحنابلة في كلّ الأموال، وخصّه المالكيّة بالذهب والفضة، ولم يشترطه فقهاء الشافعيّة.
- الزيادة عن الحاجات الأصليّة، وهذا شرط عند فقهاء الحنفيّة دون غيرهم.
شروط صحّة أداء الزكاة
يشترط في الزكاة حتى تكون صحيحة شرطان؛ هما:[١٠]
- النيّة؛ اتفق الفقهاء على اشتراط النية في صحة أداء الزكاة، وذلك تمييزاً لها عن غيرها من الكفّارات وبقيّة الصدقات، وذلك لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ، وإنّما لكلِّ امرئٍ ما نوى).[١١]
- التمليك؛ ويكون ذلك بإعطاء الزّكاة لمستحقيها وتمليكها لهم، حيث قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)،[٢] والإيتاء هو التمليك.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية: 43.
- ↑ سورة مريم، آية: 54-55.
- ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 10-20. بتصرّف.
- ↑ "كيفية إخراج الزكاة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2018. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى الزكاة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2018. بتصرّف.
- ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 34.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 987، صحيح.
- ^ أ ب ت د وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته (الطبعة الثانية عشر)، سوريا: دار الفكر، صفحة 1797-1813، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.