معنى الحسد
- الحسد في اللغة: هُو مَصدر حَسَدَ يحسُد، وحَسَدَهُ يَحسُدُهُ حَسَدًا؛ وذلك إذا تمنّى الشخص أن تزول النعمة من عند غيره وتنتقل إليه، أو أن تُسلب النعمة أو جميع النِّعم من عند شخصٍ مُعيّن أو من الناس عموماً، دون أن يقصد أن تؤول بعض تلك النعم أو جميعها إليه، فيكون هدف الحاسد الأوّل هو زوال النّعمة ممّن يراه مُتمتّعاً بها.[١]
- الحسد اصطلاحاً: هو تمنّي زوال النّعمة أو النِّعم عن غيره من الناس وانتقالها إليه.
أعراض الحسد
يُمكن للإنسان أن يُميّز فيما إذا كان مُصاباً بالحسد أو أنّ ما ألمَّ به أمرٌ عضوي أو مرضٌ له تفسيره العلمي، وذلك من خلال عدّة عوامل وأمور، من أبرزها:[٣]
- أن تظهر أعراضٌ جسميّةٌ أو عضويّةٌ أو نفسيّةٌ على المحسود، تؤدّي إلى إصابته بالمرض، والتأثر منه، مع صعوبة تفسير أسباب تلك الأمراض وتحليلها علميّاً؛ حيث إنّ الأمراض التي تكون أسبابها طبيعيّةً يسهل تحليل مُسبّباتها وبالتالي علاجها بسهولة، أمّا الأمراض الناتجة عن السحر والحسد فإنها تكون عادةً مجهولة السبب حتى إنّ الأطبّاء ربّما يعجزون عن وصف علاجٍ مُناسبٍ لها في بعض الحالات.
- أن تنتشر المَشاكل العائلية أو المالية في الأسرة المحسودة، مع أنّ أسباب الوفاق بين الأفراد كبيرة، ووسائل الرّزق واسعة وأبوابه عديدة، وقد ثبت في السنّة النبويّة الشريفة تأثير العين والحسد في حياة المسلم عموماً حتى إنّها ربّما تؤدّي إلى وفاته فضلاً عن إحداث الفتن والمشاكل بينه وبين أفراد أسرته، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (العينُ حقٌّ تُدخِلُ الجملَ القِدرَ والرَّجلَ القبرَ)،[٤] وقد ثبت أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوّذ من العين والحسد، ويُعيذ أهله وأسرته منهما في مواضع عديدة، ومن ذلك ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ - صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - يعوِّذُ الحسنَ والحسينَ، يقولُ: أعيذُكُما بِكلماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كلِّ شيطانٍ وَهامَّةٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ).[٥].
الفرق بين العين والحقد والغِبطة والحسد
هناك عدّة مُصطلحات تشترك مع لفظة الحسد في الشّكل والمُسمّى، ولكنّها ربّما تَختلف في المَضمون والمُحتوى، من ذلك مَثلاً الغِبطة والعين والحقد، وأهمّ ما يُميّز بين الحسد والمُصطلحات الثلاث الأخرى الآتي:
العين والحسد
يُمكن التّفريق بين العين والحسد بأنّ الحاسد يَحسُد ما يُشاهده وما لا يُشاهده، أمّا العائن فإنه يُصيب بعينه ما يراه مُباشرةً، فيؤثّر العائن فيما يراه فيتلفه أو يُضرّ به، أما الحاسد فيصيب بحسده ما يراه أو يسمع به من النعم عند غيره من الناس، كما أن يكون ناتجاً عن حقدِ الحاسد للشّخص المَحسود، ممّا يَجعله يتمنّى زوال النعمة عنه، أمّا العائن فإنّه يضُرّ كلّ ما يُشاهده عياناً دون مَعرفة صاحبه، بسبب ما يَحمله من الخبث في نفسه وسريرته.[٦].
الحقد والحسد
الفرق بين الحقد والحسد واضحٌ بيِّن؛ فالحقد هو الغلُّ والكُره لشخصٍ مُعيّن، وفي العادة يكون ذلك الحقد ناتجاً عن العداوةِ والتلاسن بين الناس، ويخلو الحقد من الأعمال القلبيّة كالنيّة للشر، أو إضمار السوء للمحقود عليه، أمّا إذا انتقل الحقد من مرحلة الكره المجرَّد إلى التفكير بما يُوازي زوال النِّعم عن المحقود عليه فإنّه يتحول في هذه الحالة إلى حسد، فالعبرة تكون في النظرة القلبيّة إلى الحقد والناتج عنه، وهو مَرحلةٌ أولية ربّما توصل إلى الحسد.[٧]
الغبطة والحسد
هناك فرقٌ جوهريٌّ وحيدٌ بين الغبطة والحسد؛ حيث إنّ الحسد هو تمني زوال النعمة عن عبد، فإنّ الفرق بينهما هو أنّ الغبطة تعني أن يتَمنّى المرءُ أن يهبه الله من النّعم ما وَهَب به أحد أقرانه، مع رجائه أن تبقى النّعم التي وهبت لغيره على حالها أو حتى أن يَزيد الله عليه في التَّنعُّم بها وأن لا تزول عنه تلك النعمة؛ فالغبطة دليلٌ على فَرح العبد بما أوتي أخوه من الناس مع رجائه أن ينال مثلها أو بعضاً منها، والحسد هو الحُزن على ما أصاب غيره من النعيم مع رجاء زوالها عنه.[٧]
الحسد في القرآن والسنة
جاء ذكر الحسد في العديد من النصوص في القرآن الكريم أو فيما صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وثبت عنه في السُنّة النبويّة ومن تلك النصوص:
- قوله تعالى: (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)،[٨] فقد كان الكافرون ينظرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعين الحقّ والحسد لما جاءه من النبوة، وهو ما يُعدّ في العُرف البشريّ مَنصباً صعب المنال.[٩]
- قوله سبحانه وتعالى: (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)،[١٠] وهذه الآية أظهر ما جاء في الحسد، فقد استعاذ القرآن الكريم من ذلك وأمَر المُسلمين بالاستعاذة من الحسد وأهله.
- ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (العين حقٌّ، ويحضر بها الشيطان، وحسد ابن آدم)؛[١١]
- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- إذا اشتكى رقاه جبريل -عليه السّلام- بقوله: بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ).[١٢]
- قوله - عليه الصّلاة والسّلام - من رواية عبد الله بن عباس: (العين حقٌّ تستنزل الحالق)، والحالق هنا المَقصود بها الجبل المُرتفع الشاهق في العلو.[١٣]
- ما رواه أبو سعيدٍ الخُدَريّ - رضي الله عنه - عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-: (بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).[١٤]
المراجع
- ↑ ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 148، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ الجرجاني (1983)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 87. بتصرّف.
- ↑ مركز الفتوى (28-2-2001)، "علامات وأعراض المحسود والمصاب بالعين وعلاج ذلك"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2017. بتصرّف.
- ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 675، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2060، صحيح .
- ↑ علي بن نايف (2011)، المُهذَّب في علاج العين والمسِّ والسِّحر (الطبعة الأولى)، بهانج: دار المعمور، صفحة 44-46. بتصرّف.
- ^ أ ب "الفرق بين الحقد والحسد والعين والغبطة"، إسلام ويب، 2-4-2011، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2017. بتصرّف.
- ↑ سورة القلم، آية: 51.
- ↑ الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 564، جزء 23. بتصرّف.
- ↑ سورة الفلق، آية: 5.
- ↑ رواه علي بن أبي بكر الهيثمي، في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: جزء5، 184، حديث رقم: 8425.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 39، جزء4، حديث رقم: 1718.
- ↑ رواه أحمد بن حنبل، في المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: جزء3، 125، حديث رقم: 2476.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2186.