الأعياد
العيد هو كلُّ يومٍ فيه جمعٌ، ولفظ العيد مشتقٌ من عاد يعود، كأنَّهم عادوا إليه، وقيل: اشتقاقه من العادة، لأنَّهم اعتادوه، والجمع أعياد، ويقال: عَيَّد المسلمون أي شهدوا عِيدهم، وقد قيل سُمِّي العيدُ عيداً؛ لأنَّه يعود كلَّ سنةٍ بفرح مُجدّد،[١] ومُحصِّلة ما قيل في تسمية العيد عيداً أنّه يعود كلَّ سنةٍ ويتكرَّر بفرحٍ مُجدِّدٍ لمن أدركه، والعادة فيه الفرح والسرور والنِّعمة، بالإضافة إلى كثرة عوائد الله -تعالى- على عباده في ذلك اليوم؛ أيْ أنواع الِإحسان العائدة على عباده في كلِّ يوم، منها: الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي، وغير ذلك.[٢]
تُعتبر الأعياد مناسباتٍ سعيدةً تمرُّ على النَّاس فتملأ حياتهم إيجابيةً وفرحاً وبهجةً، إذ إنَّ له آثارَه النفسيَّة على الأفراد والمجتمعات، وللعيد عند كُلِّ أمَّةٍ مكانته، وقُدسيَّته، وبهجته، وتتجلَّى فيه معاني الكرامة والرِّفعة الانسانيَّة، ولكل أمَّةٍ طُرقها الخاصَّة للاحتفال بأعيادها، ولأمَّتنا الإسلاميَّة طابعٌ متميِّزٌ في الأعياد، حيث تنسجم في أعيادها في مظاهر الفرح والسَّعادة مع أشكال طاعة الله -عزَّ وجلَّ- وعبادته، وهذا ما يميّزها ويميِّز رسالتها العظيمة.[٣]
عيد الأضحى
هو أحد العيدين عند المسلمين، ويوافقُ اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم فرحٍ وسرورٍ، ولقاءٍ بالأهل والأحباب للتَّزاور والتَّسامح، ونسيان الحقد بينهم، كما إنَّه يوم وقفةٍ مع النَّفس في طاعة الله لتجديد الإيمان، وبثِّ الحُبِّ والوفاء، والتَّماسك بين المسلمين، ويكون بعد انتهاء وقفة يوم عرفة في اليوم التَّاسع من ذي الحِجَّة، الموقف الذي يقف فيه المسلمون الحُجَّاج من أجل تأدية مناسك الحجِّ، وينتهي عيد الأضحى في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة،[٤] كما يعتبرُ ذكرى قيام نبي الله إبراهيم -عليه السَّلام- بالاستجابة لأمر الله عندما أراد أن يقوم بذبح ابنه إسماعيل -عليه السَّلام- حسب ما طلب الله منه، تقرّباً إليه وتلبيةً لأمره، لذلك يقومُ المسلمون في هذه المناسبة العظيمة بالتضحية بإحدى الأنعام سواء إبل، أو بقرة، أو خروف، ويتمُّ توزيعُ لحمها على أهل البيت، وعلى الأقارب، والفقراء، والمساكين.[٥]
آداب عيد الأضحى
هناك العديد من السُّنن، والآداب، والأحكام التي يُستحبُّ للمسلم الإتيان بها في هذا اليوم العظيم، ومن هذه الآداب:[٦][٧][٨]
- التكبير: ويكون في ليلة العيد ومن فجر يومه في البيوت والطُّرُقات والمساجد والأسواق، مع رفع الصَّوت، والزِّيادة في التَّكبير بعد الصَّلوات المفروضة طيلة أيّام العيد إلى عصر ثالث أيَّام التَّشريق، حيث إنَّ التكبير سُنَّةٌ نبويَّةٌ، وقد قال ابن تيمية أنّ التَّكبير مشروعٌ في عيد الأضحى بالاتفاق، وأنَّ التَّكبير في النَّحر أَوْكَد من جهة أنه يُشْرَع أدبار الصَّلوات،[٩] ومن صفة التَّكبير ما كان يقوله ابن مسعود: (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ).
- إحياء ليلة العيد وأيَّامه بالذِّكر، والدُّعاء، وفضائل الأعمال: من صلة للأرحام، والصَّدقة على الفقراء والمساكين، وإدخال السُّرور على المسلمين، وترك التَّحاسُد والعداوات، والتَّوسعة على الأهل في المأكل والمشرب والملبس.
- اللعب والفرح يوم العيد: فمن السنن يوم العيد إظهار الفرح والسرور، وقد روت عائشة أمُّ المؤمنين في ذلك: (دخل عليَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وعندي جاريتان تُغنِيان بغناء بُعاث، فَاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، فدخل أبو بكرٍ، فَانتهرني وقال: مِزمارةُ الشيطان عند رسول اللَّه صلى اللهُ عليه وسلم، فأقبل عليه رسول اللَّه صلى اللهُ عليه وسلم، فقال: دعهُما، فلمَّا غفل غمزتهُما، فخرجَنّا، قالتْ: وكان يوم عيدٍ يلعبُ السُّودان بالدَّرق والحرَاب، فإِمَّا سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإمَّا قال: تشتهِين تنظُرِين، فقالت: نعم، فأقامني وراءه، خدِّي على خدِّه، ويقول: دُونكُم بني أرفدة، حتَّى إذا مللتُ، قال: حسبك، قُلتُ: نعم، قال: فاذهبي).[١٠]
- الاغتسال والتَّطيُّب قبل الخروج إلى الصلاة: وحتى لو لم يخرج للصلاة فيستحب الاغتسال؛ لأنَّ الغُسل لليوم وهو يوم زينة.
- التجمُّل والتَّزيُّن للعيد: من خلال لبس أحسن الثياب، فقد كان للنَّبي -صلى الله عليه وسلم- جُبةٌ يلبسها للعيدين ويوم الجمعة، كما كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يلبس للعيد أحسن ثيابه، لذلك على المسلم التطيُّب والتجمُل، أما بالنِّسبة للنِّساء فيبتعدن عن الزينة والتَّعطُّر أثناء الخروج.
- خروج النِّساء والأطفال ليشهدوا صلاة العيد: وحتى لو كانت المرأة حائضاً فإنّها تسمع خطبة العيد وتشهد الصَّلاة لكن لا تصلِّي، فعن أمِّ عطيَّة قالت: (أمرنا، تعني النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم، أَن نخرِج في العيدين العواتق، وذوات الخدور، وأمر الحيض أَن يعتزِلن مُصلى المُسلمِين).[١١]
- إتيان صلاة العيد مشياً: للقادر وعدم مواجهة مشقَّة في ذلك، قال علي رضي الله عنه: (من السُّنَّة أن تخرج إلى العيد ماشياً).[١٢]
- مخالفة الطريق: حيث يستحبُّ الذَّهاب إلى مصلى العيد من طريق والرُّجوع من طريقٍ آخر، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- التهنئة: حيث تُعَدُّ من أهمِّ الأعمال التي يتبادلُها الناس فيما بينهم في العيد، وهذه التَّهنئة من مكارم الأخلاق التي حثَّ عليها الإسلام، وأكَّد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تكون بقول: تقبّل الله منا ومنكم الطاعات، أو عيد مبارك، أو غيرها من العبارات المشابهة.
- صلاة العيد: وهي من أعظم الأعمال والوظائف في ذلك اليوم، اقتداءً برسولنا الكريم محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).[١٣]
- عدم صيام عيد الأضحى، وكذلك أيام التشريق بعده: حيث نهى الرسول -صلى الله عليه وسلّم- عن صوم العيديْن، فقال: (أيامُ التشريق أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله).[١٤]
- نحر الأُضحية والأكل منها: وذلك شكراً لله تعالى، وذلك بعد صلاة العيد وفقَ الشروط والأحكام التي حدَّدها الإسلام، ويُسنُّ لصاحب الأُضحية أن يأكل منها لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،[١٥] ولفعل النَّبي صلى الله عليه وسلم، ويمتدّ وقت ذبح الأضحية إلى ثالث أيام التشريق.
المراجع
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 319، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ علي الحلبي، أحكام العيدين، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 13-14، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "مقاصد العيد"، www.library.islamweb.net، 2016-8-2، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "بعض أحكام عشر ذي الحجة وأيام التشريق"، www.binbaz.org.sa. بتصرّف.
- ↑ د. عمر عبدالرحمن ، "أحكام الأضحية في الشريعة الإسلامية (1)"، www.alukah.net. بتصرّف.
- ↑ محمد الشحيمي، العيد فرحة وآداب، دبي: دائرة الشؤون الإسلامية، صفحة 19-25. بتصرّف.
- ↑ عصام حسنين (12-11-2011)، "عيد الأضحى .. فضائل وآداب"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ علي الحلبي، أحكام العيدين، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 19-63. بتصرّف.
- ↑ ابن تيمية، مجموع الفتاوى، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 221، جزء 24. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2906، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم عطية الأنصارية، الصفحة أو الرقم: 890، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 530، حسن.
- ↑ سورة الكوثر، آية: 2.
- ↑ رواه الطحاوي، في شرح مشكل الآثار، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/244، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 28.