مفهوم الرواية
الرواية فنٌ نثري أدبي جميل، تُعتبر من أشهر أنواع الأدب العربي، وتقومُ على طرح قضايا أخلاقية واجتماعية مختلفة بهدف معالجتها أو محاولة البحث فيها؛ لذلك فبعض الروايات تحثُّ على الإصلاح والتغيير، ومنها ما تقوم على تقديم معلومة عن موضوع غير مألوف وفيه بعض الغرابة بالنسبة للقارئ، وبعضها الآخر يقدّم العمل الروائي بحسٍ فُكاهيّ الهدف منه الإمتاع والتسلية للقارئ.
الرواية في الأدب العربي
يعودُ ظهورُ الروايةَ العربيةَ وتعود نشأتُها إلى الاتصال المباشر بالآداب الغربية في القرن التاسع عشر الميلادي. إلا أنّ هذا التأثر لا يعني أن الأدب العربي لم يعرفْ شكلاً خاصاً به للرواية، فكما نعلم فإنَّ التراثَ الأدبي العربي منبع لا ينضب، فنجده حافلاً بقصصٍ روائيةٍ متمثلة بحكايات السُمَّار والسِير الشعبية وقصص الحب العذري وأمثاله، ولا ننسى المقامة العربية المعروفة فقد أخذت حيزاً كبيراً في فن الرواية لتترك بصماتٍ واضحةَ المحاور في الرواية العربية.
وقد كانت أول محاولة لترجمة ونقل الرواية الغربية على يد الروائي المعروف (رفاعة الطهطاوي) في ترجمته لرواية فينيلون مغامرات تليماك سنة 1867، فنشأة الرواية العربية تعودُ إلى الاحتكاك والاتصال العربي بالعالم الغربي في أواخر القرن التاسع عشر، حيث برزت بداية المحاولات الروائية الأولى عند عودة الكتّاب العرب من البلاد الأوروبية ومحاولتهم لكتابة وتأليف روايات مختلفة. ونذكر من هؤلاء فرح أنطوان، ونقولا حداد، وحسين هيكل خاصة في روايته المشهورة (زينب).
عناصر الرواية
- الشخصيّات: من العناصر المهمة في الرواية العربية والتي يهتمُ بها الكاتب الروائيّ هي الشخصيات، فهي تجذِبُ القارئ إلى قراءة الرواية والاستمتاع بها، أو تُنفره وتجعله يترك قراءتها، فعلى الكاتب الروائي أن يختار شخصيات عمله الروائي بدقة وموضوعية والنظر إلى ما يجذبُ القارئ وإضفاء الصفات التي يستميل إليها كل شخص، كالصفات الحسنة والأخلاق الحميدة التي تجعل من هذه الشخصياتت قدوةً حسنة للقارئ، بحيثُ يشعر بأنها شخصية واقعية من الحياة، وتنقسمُ الشخصيةُ في العمل الروائي إلى الشخصيةِ الرئيسية: وهي ما يُطلق عليها البطل، حيثُ تقومُ الرواية عليها من البداية إلى النهاية، وتتميز هذه الشخصية بسماتٍ تتفرد بها عن باقي الشخصيات، أما النوع الثاني فهو الشخصيات الثانوية، يكون لها دورٌ في الرواية ولكن ليس شبيهاً بالدور الذي تلعبه الشخصية الرئيسية، ولا تكتملُ الرواية من دونها.
- الحبكة: وهي المشكلة أو العقدة، وتكون الحد الفاصل بين مجموعة الأحداث السابقة والأحداث التي ستقع، وقارئ الرواية ينتظر بشغفٍ للوصول إلى العقدة لتكوين فكرة شاملة عن الموضوع الرئيسي، وبذلك فإن أهمية الرواية تتمركز في كيفيّة صياغة الحبكة وما يدور حولها من أحداث تجعلها أكثر تشويقاً للقارئ، بحيثُ يصوغُها الكاتب بلغة سليمة وموضوعية بعيدة عن التملق والغموض، ولكل عقدة حلٌّ، فعلى الكاتب أن يُسلسل أحداث العقدة برويَّة للوصول إلى الحل المثالي والمقنع.
- الموضوع: وهو الدرس أو العِبرة التي يُريدُ الروائي تقديمها ومعالجتها من خلال روايته، وأيضاً المضمون الذي تدور حوله أحداث الرواية والذي يُحاول الكاتب معالجته والكشف عنه.
- زمن الرواية: هناك زمانان للرواية: الأول الزمن العام الذي تدور فيه أحداث الرواية كمدة زمنية محددة، والثاني هو الزمن الخاص أو زمن الرواية.
- مكان الرواية: لا بّد وأن يكون لكل رواية من مكان تدور فيه أحداثُها، لكي يتعايش القارئ مع الرواية وكأنها حقيقية.
أنواع الرواية
- الرواية الرومانسية: وهي الرواية التى تغلبُ عليها قصص الحب والعشق المثالي، وتتحدثُ عن الذات وهمومِ الفرد ومشكلاته بعيداً عن الواقع وعن مشكلات الحياة، فهي رواية تصبُّ اهتمامها على العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، فالعواطف والأحاسيس تحتلُّ مكاناً وحيزاً كبيراً عند كل فرد في المجتمع، فالروايات الرومانسية تؤثر بشكل كبير في أي مجتمع من المجتمعات؛ لذلك لا بد من أن تكون اللغة المستعملة في هذه الرواية لغة قوية، وألفاظها تعبر عن العاطفة الجياشة بعيداً عن التعقيد والغموض.
- الرواية التاريخية: هي الروايةُ التي تُستمدُّ أحداثُها وشخصياتها من التاريخ، فهي نقل وتأريخ لأحداث الماضي، ولأنها تقصُ أحداثاً وشخصياتٍ عظيمة كان لها دورٌ كبير في تغيير مسار التاريخ فلا بد أن يكون الكاتب عالماً ودقيقاً في إيراد المعلومة عن هذه الشخصيات؛ لذلك فإن الرواية التاريخية تقدم أخباراً وقصصاً واقعية، ومن هذه الروايات ألف ليلة وليلة الرواية المعروفة.
- الرواية السياسية: هي رواية الكفاح السياسي من أجل تحقيق العدالة ومكافحة الظلم والفساد في أي مجتمع من المجتمعات، فموضوعها القضايا والمشكلات الموجودة في أرض الواقع والمُختلف عليها سياسياً، حيث يكون ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر باستخدام الرمز والمدلولات فيقوم البطل في العمل الروائي بكل ما أُوتي من قوة وطاقة ووسائل مشروعة بالتغلب على هذا الصراع بين الحكومات وبين الجماعات المُعادية لأنظمة هذه الحكومات، وغالباً ما يفشل في تحقيق هذا المطلب والغاية.
- الرواية الواقعية: هي سردٌ لقصص أشخاص من الواقع من خلال أساليب درامية يختارها الكاتب، وتهدف هذه الرواية إلى محاولة تغيير الواقع الذي يقدمه الكاتب في مضمون روايته وإصلاحه بتقديم القيم الحسنة والأخلاق الحميدة، من خلال توثيق روايته بتقديم نماذج إنسانية تعرضتْ لضغوطاتٍ واقيعة.
أعلام الرواية العربية
ظهرَ في العالم العربي الكثير من كُتّاب الرواية بشتى أنواعها ففي مصر ظهرَ نجيب محفوظ، وصنع الله إبراهيم وصبري موسى، أما في الأُردن فغالب هلسا، ومؤنس الرزاز، أما حنا مينا وهاني الراهب فقد ظهرا في سوريا، وفي فلسطين يحيى يخلف ورشاد أبو شاور وإيميل حبيب.