الرسول محمد
يعود نسب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى إسماعيل عليه السلام، ويكنّى بأبي القاسم، وله عدّة أسماء، منها: محمد، وأحمد، والماحي؛ لمّا يمحو به الله من الكفر، ونبي الرحمة، وغيرها، وقد اعتنى الله -تعالى- بطهارة نسبه، فجاء من نكاحٍ صحيحٍ، ولم يُولد من سفاحٍ، حيث وُلد في يوم الاثنين، من شهر ربيع الأول، في عام الفيل، وقد أخبرت أمه آمنة أنّها حين ولدته ظهر معه نورٌ أضاء ما بين المشرق والمغرب، وقد توفّى أبوه عبد الله قبل ولادته، أي وهو حَمل في بطن أمه، وأرضعته في أول الأيام ثويبة مولاة أبي لهب، ثمّ أرضعته حليمة السعدية، وبقي عندها قرابة الأربع سنوات إلى أن حصلت معه حادثة شقّ الصدر، التي استخرج الله -تعالى- بها حظّ النفس، وحظّ الشيطان من صدره، فعاد حينها إلى أمّه، وبقي معها إلى أن ماتت، وهو في عمر الست سنواتٍ، فكفله بعدها جده عبد المطلب إلى أن بلغ الثماني سنوات فمات عنه جده، وانتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب، الذي اعتنى به خير اعتناءٍ، وآزره بعد بعثته، حيث مات مشركاً، ولم يقبل الدخول في الإسلام.[١]
بُعث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالإسلام، وهو في عمر الأربعين سنة، حيث جاءه جبريل -عليه السلام- إلى غار حراءٍ، في إحدى ليالي شهر رمضان، فكان نزول أول آيات القرآن الكريم في تلك الليلة، وهي قول الله تعالى: (اقْرأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[٢] فرجع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ليلتها إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها- خائفاً، إلّا أنّها طمأنته بأنّ الله -تعالى- لن يُخزيه، ثمّ فتر الوحي فترةً عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، إلى أن جاءه مجدّداً مبشراً له بأنّه رسول الله تعالى، ونزلت بعدها آياتٌ الله تأمره بالقيام بأمر الدعوة، وتبليغ الدين للناس، فشمّر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وانطلق يدعو إلى الله -تعالى- بكلّ ما أُوتي من قوةٍ، ولقي في دعوته أنواع الابتلاءات والعذابات جميعها، إلّا أنّه صبر على ذلك واحتسب، وكانت سيرته مثالاً للخُلق الحسن، والعبادة العظيمة، والرحمة بمن حوله، وامتلأت بكثيرٍ من الأحداث، والغزوات، والأعمال المباركة التي تهدف إلى نشر الإسلام، ونصرته، واستمرّ على ذلك إلى أن توفّاه الله -عزّ وجلّ- في السنة الحادية عشرة للبعثة.[١]
الرسول في بيته
مثّل الرسول صلّى الله عليه وسلّم أفضل صورةٍ ونموذجٍ للإنسان المسلم في بيته، فكان رغم التزاماته الكثيرة، ومشاغله الكبيرة، ورغم أنّه قائدٌ للدولة، ومبلغّاً للرسالة، وقائداً للجيش، ومعلّماً للنّاس، إلّا أنّه كان حريصاً على إعطاء زوجاته، وأهل بيته حقوقهم جميعاً، ويتضّح ذلك في أمورٍ كثيرةٍ، منها أنّه كان يمازح زوجاته، ويتلطّف معهن، وكان حاضراً مع أهله في كثير من أوقاته، فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها: (كُنتُ أغتسلُ أَنا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من إناءِ واحدٍ، يبادِرُني وأبادرُهُ، حتَّى يقولَ: دَعي لي، وأقولُ أَنا: دَع لي)،[٣] ولم يكن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قاسياً، فلم يَرد عنه أنّه ضرب أحداً بيده الشريفة الطاهرة، بل كان حنوناً رحيماً يعطف على أزواجه، ويعاملهن معاملةً حسنةً، ويهتمّ بأصغر حقوقهنّ، كالتجمّل لهنّ، فقد أخبرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن يدخل بيته إلّا والسواك في فمه؛ حتى لا تظهر رائحة أكله لزوجاته.[٤]
ولم يكن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يأنف، ويستكبر عن القيام ببعض أمور المنزل، أو القيام بشؤونه الخاصة بنفسه، بل كان دائماً في خدمة أهله، فكان يحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويقوم بخدمة نفسه، ولمّا سئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن حال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بيته، أجابت: (كان يكونُ في مهنةِ أهلِه تعني خدمةَ أهلِه فإذا حضرتِ الصلاةُ خرجَ إلى الصلاةِ)،[٥] ولم يكن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يعيب الطعام أبداً، فإن أحبّه أكل منه، وإن كرهه تركه، وكانت معاملة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الحسنة تعمّ أهل بيته جميعاً، بما في ذلك أبناءه وخدمه أيضاً، فقد كان يحبّ فاطمة رضي الله عنها، ويُحسن إليها، فإذا دخلت عليه قام إليها، وقبّلها، وأجلسها عنده، وكان يُحسن معاملة خادمه أنس رضي الله عنه، حتى روى عنه قائلاً: (خدمتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عشرَ سنينَ، واللهِ ما قال لي: أفًّا قطُّ، ولا قال لي لشيءٍ لم فعلتَ كذا؟ وهلا فعلتَ كذا؟)،[٦] وكان يُوصي صحابته بحُسن الخلق مع زوجاتهم، وأهل بيوتهم.[٧][٨]
واجبات الأمة تجاه الرسول
للرسول -صلّى الله عليه وسلّم-على أمته حقوقاً كثيرةً لا بدّ لهم من أدائها، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[٩]
- الإيمان بالرسول عليه السلام، والتصديق بنبوّته.
- الطاعة والامتثال لأوامره، والتحاكم إلى ما جاء به من أحكام الشريعة الإسلامية.
- محبة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتقديم محبته على محبة المسلم لنفسه، وماله، وولده، والناس أجمعين.
- احترام الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتوقيره، ونصرته.
- الإكثار من الصلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
- التمسّك بسنته، واتباعها بأكبر قدرٍ ممكنٍ، والسعي في نشرها بين المسلمين.
المراجع
- ^ أ ب "اعرف نبيك صلى الله عليه وسلم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 239، صحيح.
- ↑ حسين بن قاسم القطيش، "النبي - صلى الله عليه وسلم- زوجاً"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 676، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2309، صحيح.
- ↑ "كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي يومه ؟"، www.islamqa.info، 2014-2-17، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ "معاملة النبي الحسنة لأهله وخدمه.."، www.articles.islamweb.net، 2003-1-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ د. عطية عدلان (2012-9-13)، "واجب الأمة تجاه نبيها محمد صلى الله عليه وسلم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.