حفظ القرآن الكريم
سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خُلُقه القرآن (رواه مسلم)؛ حيث كان النبيّ صلى الله عليه وسلم أسوةً حسنةً لأمّته في حفظ القرآن الكريم؛ إذ كان يحفظه ويداوم على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار ويَتعاهده مع جبريل عليه السلام في شهر رمضان ومع أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، ونحن إذ نحفظ القرآن نتمثّل أخلاق الحبيب المصطفى ونتأسّى بهديه فيه وهَديِ من بعده من التابعين والسلف الصالح.
قال بعض العلماء إنّ حفظ القرآن فرض كفاية إذا قام به مجموعة من الناس سقط الإثم عن الباقين، فهو مصدر التشريع الأول للمسلمين ومنبع أحكامهم ودستور هذه الأمة إلى يوم الدين، فحفظُه حفظٌ للدين، وكفى بها من نعمة ينعم بها الحافظ فيغدو من أهل الله وخاصّته، ويكون مع السّفرة الكرام البَرَرة، ويكون له القرآن شفيعًا يوم القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه" (رواه مسلم).
طريقة حفظ القرآن الكريم في شهرين
يَنبغي لمن يُقبل على حفظ القرآن الكريم أن يضع خطّةً جيّدة له قبل أن يشرع بالحفظ؛ فالتخطيط الجيّد يثمر نتائج جيّدة وهو من باب الأخذ بالأسباب، ويكون كذلك منعًا للفوضى والتّفلت ممّا يساعد على الالتزام ببرنامج يومي دون كسل؛ فإذا ما أراد المرء أن يحفظ القرآن الكريم كاملًا في شهرين عليه أن يعلم أنّ في القرآن ثلاثين جزءًا، والجزء الواحد فيه عشرون صفحة (وجه)، ومع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الشهرين يعادلان ثلاثين يومًا نَخلُص إلى أنّ مقدار الحفظ اليومي يجب أن يكون عشر صفحات (عشرة وجوه).
يُراعى مع الحفظ اليومي الجديد للقرآن أهميّة المراجعة المستمرة -فالقرآن كثير التفلّت- فيراجع الشخص مثلًا كل يوم الصفحات التي تمّ حفظها في اليوم السابق، وفي نهاية كل أسبوع تُراجَع كلها مجتمعة مع التكرار واستخدام وسائل الحفظ المختلفة، وهذا بالتأكيد يتطلّب من المرء صبرٌ طويل، وعزيمة صادقة، وهمة عالية، وثبات في النية وكل ذلك يهون مع صدق التوكل على الله تعالى والالتجاء إليه دومًا بالدعاء.
عوائق الحفظ
- العوائق النفسية؛ متمثّلة بحديث النفس السلبي عن امتلاك ذاكرة ضعيفة أو الاحتجاج بضيق الوقت وغيرها، إلى جانب وساوس الشيطان التي تُفضي بمجموعها إلى تثبيط همّة وعزيمة من يُقبِل على الحفظ.
- العوائق السّلوكية؛ ومنها الاندفاع القويّ والتعجّل دون ثبات، وكثرة الذنوب والمعاصي والاهتمام بأمر الدنيا كثيرًا مع إعطائها الأولويّة، وتراكم المراجعة.