الأرقام
عرف الناس العدّ والأعداد منذ القِدم، إلا أنّه لم تكن لديهم أيّة رموز تعبّر عنها، وقد كانوا يعدّون باستخدام أصابع اليدين، والحصى، وحتّى العصيّ، إلى أن اخترع الآسيويون القدماء المعداد الذي ساعد بدوره في عملية العدّ، وهو عبارة عن إطار يتكوّن من بعض الأسلاك (القضبان)، بحيث تحيط بهذه الأسلاك مجموعة من الخرز تمثل الأعداد، وقد ساهم اكتشاف المعداد بعد مجموعة كبيرة من الأشياء، ومع ذلك فلم تكن هنالك طريقة للتعبير عن هذه الأشياء، إلى أن جاء المصريون القدامى في عام 3000ق.م، باختراع جديد يسمى الأرقام، وهي عبارة عن رموز تدل على الأعداد، فمثلاً يُستخدَم الرمز (30) للتعبير عن العدد (ثلاثين).[١]
تطوّر الأرقام
استخدم المصريون مجموعةً من الرموز كدلالة على الأعداد؛ حيث وضعوا رموزاً تعبر عن الأعداد من 1-9، وهي تشبه أصابع اليدين، كما عبروا عن العدد (10) برمز يشبه القوس، ووضعوا خيطاً ملفوفاً للدلالة على العدد 100، أما الرمز على شكل زهرة اللوتس فكان دلالة على العدد (1000)، ويُعتقَد أنّ سبب اختيار المصريين لزهرة اللوتس يعود لكمياتها الكبيرة في مصر، كما استخدموا رسمة فرخ الضفدع للتعبير عن العدد 100000، ويُعتقد أيضاً بأنها اختِيرت لأنها كانت تملأ الأنهار في فترة فقس بيض الضفادع.[١]
كذلك وضع البابليون في الفترة نفسها رموزاً للأعداد تشبه رؤوس السهام رُسمت على ألواح مصنوعة من الطين، حيث كان كل سهم يعبر عن عدد معين، وبعد حوالي الألفين وخمسين عاماً، قام الإغريق القدامى بوضع أعداد على أساس أبجديتهم، كما وقام الهندوس الموجودون في الهند باختراع أرقام تشبه إلى حد كبير الأرقام التي تُستخدم حالياً، وفي حوالي خمسمئة قبل الميلاد وضع الرومان أيضاً نظام أرقام يُستعمل في الوقت الحالي، حيث كانت روما في أوج ازدهارها في القرنين الثاني والثالث للميلاد، ويضم نظام الأرقام الروماني مجموعة من الرموز التي تُستعمل في الأبجدية الرومانية، فمثلاً الحرف (I) يشبه الرقم (1)، والحرف (V) يشبه الرقم (5)، أما الحرف (X) فيشبه الرقم (10). وما زال نظام الأرقام الروماني يُستخدَم في الوقت الحالي سواءً كان ذلك في التعبير عن أحداث معينة كالحرب العالمية الثانية التي يُرمَز لها (الحرب العالمية II)، أو كخلفية لبعض الساعات للتعبير عن الوقت.[١]
الأرقام العربية
الأرقام العربية وهي عبارة عن الأرقام: (0, 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9)، أما الأرقام الرومانيّة فكان يعبر عنها بالرموز الآتية: (I، II، III، IV، V، VI، VII، VIII، and IX)، وتعد الأرقام العربية الحالية هي من أصل هندي وسُمّيت بالعربية لأن العرب أول من قام بإدخالها إلى العالم الأوروبي والغربي وكان ذلك في بداية القرن الثامن والتاسع ميلادي، حيث استُخدمت هذه الأرقام في أواخر القرن الخامس عشر في ترقيم وتعداد الصفحات أما الأرقام التي تُستخدم في الوقت الحالي عند العرب والمشرق العربي فهي الأرقام الهندية، وهي: (٠، ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩).[٢]
نظام الترقيم
الأرقام الهنديّة
لقد كانت هنالك العديد من المنجزات والأفكار العربية التي نُسبت فيما بعد إلى الأوربيين، فعلى سبيل المثال نُسب نظام الترقيم إلى العالم الإيطالي فيبوناتشي، وهذا ما ظنه العديد من الباحثين والدارسين، لكن الحقيقة تكمن في أن أول من وضع نظام الترقيم هو العالم العربي أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي؛ واضع علم الجبر أيضاً، حيث رحّل فيبوناتشي هذا النظام إلى أوروبا بعد حوالي 300 عام من اكتشاف الخوارزمي له، وبها فإن فيبوناتشي هو ناقل نظام الترقيم إلى أوروبا وليس مكتشفه، وهذا للأسف ما يغفل عنه الغربيون، وقد استخدم الخوارزمي الأرقام الهندية في الأزياج في عام 813م، والزيج هو (كُلُّ كتاب يتضمن جداول فلكية يُعرَف منها سير النجوم، ويُستخرَج بواسطتها التقويم سنةً سنةً).[٣][٤]
بعد ذلك نشر الخوارزميّ رسالةً اسمها (الخوارزمي عن الأرقام الهندية)، وكان ذلك في عام 825م، فذاع مصطلح الجورثم (Algorithm) أو الجورسم (Algorism) في أوروبا، وكان يعني طريقة حسابية مبنية على النظام العشري، وسميت هذه الأرقام بالأرقام الخوارزمية نسبة إليه. وكانت لدى الهنود رموز متعددة تعبر عن الأرقام فاختار العرب مجموعة منها، وهذّبوها، فاستخدموها في المشرق العربي خاصةً في مدينة بغداد، ثم أجروا عليها بعض التعديلات حتى صارت تُستخدم في بلاد الشام والعراق ومصر والجزيرة العربية إلى الآن، وهي ما يُسمّى بالأرقام الهندية. أما بالنسبة لباقي الأشكال الهندية فأجرى العرب عليها مجموعة من التعديلات عبر القرون إلى أن ظهرت الطباعة وطُبعت الأرقام بهيئتها الحالية، ومع ظهور النظام العشريّ، تطورت عمليات حساب الأرقام العربية، إذ تناول الخوارزميّ الأرقام الهندية، وواءمها وطوّرها إلى ما هي عليه اليوم.[٤]
الأرقام العربية
اخترع الخوارزمي مجموعة مختلفة من الأرقام، سُمِّيت بالأرقام العربية وبالأرقام الغبارية؛ ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم إلى كونها كانت تُكتَب في البداية باستخدام الإصبع أو قلم من البوص على لوح مُغطّى بطبقة من التراب، إلى أن أُجرِيت عليها بعض التعديلات حتى وصلت للشكل الحالي، لكن لم يشِع استخدامها في البداية، فيما بعد استخدمها العرب في المغرب العربي والأندلس، لتنتقل منها إلى أوروبا ومن ثمّ بقيّة العالم، فتميّزت عن الأرقام الهندية، وقد صمّم الخوارزميّ الأرقام العربيّة اعتماداً على عدد الزوايا الحادة أو حتى القائمة فيها؛ فمثلاً الرقم 1 فيه زاوية واحدة حادة، أما الرقم 2 ففيه زاويتان، وهكذا.[٤]
أما عن أهم الاختراعات الأخرى التي قدمها المسلمون للأرقام فكان الرقم صفر الذي كان يُرمَز له بشكل دائريّ يخلو من الزوايا؛ أي أن عدد زواياه (صفر)، حيث كان أول تسجيل للصفر العربي في عام 873م، أمّا الصفر الهندي فكان أول تسجيل له في عام 876م، والصفر الذي اخترعه العرب يشبه الدائرة (0)، فلما أراد الهنود استخدامه اختلطت معهم الأمور لأنه يشبه رمز العدد خمسة، وبالتالي فإنه كان لا بد من تغييره إلى رمز آخر وهو النقطة (٠).[٤]
المراجع
- ^ أ ب ت بول كوباسا، ترجمة: خليل يوسف سمرين، موسوعة الاختراعات والاكتشافات: الرياضيات: Inventions and Discoveries ...، صفحة: 6-9. بتصرّف.
- ↑ بواسطة أحمد محمد شامي ،سيد حسب الله، الموسوعة العربية - المجلد الاول، صفحة: 156. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى أزياج في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com.
- ^ أ ب ت ث بواسطة ناصر بن محمد الزمل، عباقرة الظل: تاريخ من الاستحواذ على أفكار الآخرين، صفحة: 100-103. بتصرّف.