محتويات
تعريف الخَزف والفخّار
يُعرَّف الفخّار في اللغة على أنَّه: كُلّ آنِيَة صُنِعت من الطين، ثمّ تعرَّضت للنار؛ لتُصبِح فخّاراً، عِلماً بأنَّ الفخّار يُعتبَر المادّة الجديدة الناتجة عن حَرْق الصلصال، ومن الجدير بالذكر أنَّ الطين هو المادّة الأساسيّة التي تدخُل في صناعة الفخّار، أمَّا الخَزف في اللغة فهو: الجرّ (جمع جرَّة)؛ أي ما يبيعه الخزَّاف، ويُعرَّف اصطلاحاً على أنَّه: كُلّ آنِيَة فخّاريّة تمّ تزجيجها، أو طلاؤها باستخدام أصباغ مُلوّنة؛ لمَنْحها بَريقاً، ورَونقاً،[١] وتجدُر الإشارة إلى أنَّ الخَزف عبارة عن مُنتَجات مُتنوِّعة يتمّ تشكيلها باستخدام طينات مُعيّنة، وذلك بعد خَلْطها مع الماء؛ لتُصبِح مادّة مَرِنة، وسهلة التشكيل، ثمّ يتمّ تجفيفها من الماء، وتُوضَع داخل أفران ذات درجة حرارة مُحدَّدة، وتُترَك إلى أن تُصبِح فخّاراً صلباً، ثمّ تُطلى بعد ذلك بطلاءات زُجاجيّة؛ لإكسابها طبقة مُلوَّنة قد تكون شفَّافة، أو غير شفَّافة، كما قد تكون لامعة، أو غير لامعة، لتُصبِح في النهاية خَزفاً.[٢]
الفرق بين الخَزف والفخّار
يعتقد الكثيرون أنَّ الخَزف، والفخّار يتشابهان، وأنَّه لا يُوجَد فرق بينهما، إلّا أنَّه في الحقيقة تُوجَد بعضُ الاختلافات بينهما، ويمكن توضيح هذه الاختلافات وِفقاً لبعض المَعايير، والخصائص، من أهمِّها:[٣]
- المقدرة على رَشْح الماء: يسمح الفخّار للماء، أو السوائل بشكلٍ عامّ بالرشح من خلاله، أمَّا الخَزف فلا يمكن للماء، والسوائل أن تَرشح من خلاله؛ ويعود السبب في ذلك إلى أنَّ المادّة الزُّجاجيّة التي يُطلَى بها الخَزَف قد سدَّت كافَّة المسامات الموجودة فيه.
- المُقاوَمة للخَدْش: يُعتبَر الفخّار من الموادّ القابلة للخَدْش، ومن الجدير بالذكر أنَّه يُمكن خدشه بسهولة بواسطة سكّين، أو أداة حادَّة، أمّا الخَزف فهو غير قابلٍ للخدش أبداً؛ ويعود السبب في ذلك إلى وجود المادَّة الزُّجاجيّة التي تتميَّز بمُقاوَمتها للخَدْش.
- المقدرة على كَشْف الضُّوء: يتميَّز الفخّار بعدم مقدرته على كشف الضُّوء؛ فهو مادَّة مُعتمة، ولا يسمح للضُّوء بالمرور من خلاله، أمّا الخَزف فقد يسمح للضُّوء بالمرور من خلاله، ومثال ذلك الخَزف الصينيّ.
- اللون: قد يكون لون الفخّار -دون النظر إلى الطلاء- أسود، أو أحمر، أو رماديّاً، أمّا الخَزف فقد يكون -قَبلَ طِلائه- بألوان مُختلِفة.
- طريقة الصُّنع: يَنتُج الفخّار بعد أن يتمّ وَضْع الطين في الفُرْن، أمّا الخَزف فيَنتُج عن طريق تزجيج الفخّار.
صناعة الفخّار
تتمّ صناعة الفخّار وِفق طُرق، ومراحل مُحدَّدة، وفيما يلي توضيحٌ لها:[١]
- الموادّ المُستخدَمة: يُعتبَر التُّراب من الموادّ الأساسيّة المُستخدَمة في صناعة الفخّار، ولا يُقصَد به التُّربة العاديّة التي تُوجَد على سطح القشرة الأرضيّة، بل هي طينة يعود أصل تكوينها إلى الصُّخور الصوّانية (الجرانيتيّة، أو الفلدسباتيّة)؛ حيث تحوَّلت هذه الصُّخور إلى جُزيئات صغيرة بفِعل عوامل الطقس، ومن الموادّ المُستخدَمة أيضاً (المُثبِّتات)؛ وهي الموادّ التي تُحسِّن من تركيبة الطينة، وتُغيِّر درجة مُرونتها، علماً بأنّها تُوجَد على ثلاثة أنواع: المُثبِّتات المعدنيّة، والعُضويّة، والصناعيّة، ومن الجدير بالذكر أنَّ الماء هو أهمّ الموادّ المُستخدَمة؛ حيث يُعَدُّ أساساً لإتمام العمليّة.
- تحضير العجينة: يتمّ في البداية استخراج الطينة، وجَلْبها إلى الوَرشة، ثمّ تُهرَس بواسطة المطرقة إلى أن تُصبِح مسحوقاً خالياً من الشوائب، ثمّ يُوضَع هذا المسحوق الطينيّ في أحواض مائيّة، ويُترَك مُدَّة تتراوح من 4-9 أيّام، وينتج عن ذلك ما يُسمَّى ب(السائل الطينيّ)، ثمّ تتمّ تصفية هذا السائل بواسطة المناخل إلى أن يُصبِح خالياً من الشوائب تماماً، ويُترَك على مُسطَّحات مكشوفة؛ وذلك ليتبخَّر الماء منه، ويُنقَل بعد ذلك إلى مكان ظليل، ورَطْب؛ للحفاظ على مرونته، ثمّ يتمّ عَجْن الطينة بواسطة الأَرجُل، والأيدي بشكلٍ مُتكرِّر، وتجدُر الإشارة إلى أنَّه يُمكن في أثناء ذلك إضافة المُثبِّتات بأنواعها؛ وِفقاً لدرجة لُيونة العجينة.
- تشكيل الفخّار: بعد تجهيز العجينة الطينيّة، تبدأ عمليّة تشكيل الفخّار بأشكالٍ مُختلفة (حسب الطلب)، ويتمّ التشكيل بعدَّة تقنيات، وأساليب، أقدمها هو التشكيل باستخدام الأيدي؛ حيث كان يتمّ لَفُّ العجينة على شكل حِبال، أو شرائح، ثمّ وَضْعها فوق بعضها البعض، وقد ظهر بعد ذلك أسلوب التشكيل باستخدام الدُّولاب؛ حيث يتمّ تقسيم كُرات طينيّة تتناسب مع حجم الآنية المُراد تشكيلها، ووَضْعها على مركز قُرْص الدُّولاب، ثمّ يبدأ الصانع بتدوير الدُّولاب، ووَضْع التصميم الأوَّلي للشكل المَطلوب، وتُترَك العجينة بعد ذلك إلى أن تجفّ قليلاً، ثمّ يتمّ إرجاعها إلى الدُّولاب، ويُستخدَم المِكشَط؛ لتسويتها، وترقيق بدنها، ويمكن في هذه المرحلة وَضْع بعض الزخارف عليها، وتجدُر الإشارة إلى أنَّ هناك طريقة أُخرى للتشكيل، وهي التشكيل باستخدام القالب؛ حيث يتمّ وَضْع العجينة الطينيّة داخل قوالب مُخصَّصة، وضَغْطها إلى أن تُصبِح بالشكل المطلوب.
- التجفيف: بعد تشكيل العجينة الطينيّة بالشكل المطلوب، يتمّ وَضْعها في الظلّ -على أن يكون المكان رطباً- إلى أن تتصلَّب تماماً، ثمّ تُنقَل إلى مكان مُعرَّض لأشعَّة الشمس؛ للحدِّ من رُطوبتها.
- الحَرْق، أو التفخير: بعد تجفيف العجينة الطينيّة طبيعيّاً، يتمّ إدخال الأواني المُشكَّلة إلى أفران خاصَّة، أو مَواقِد مَكشوفة، أو حُفَر في الأرض، وتحت درجات حرارة مُحدَّدة؛ وِفقاً لتركيبة الطينة (الطينة الحمراء، والبيضاء)، حيث ينتجُ الفخّار عن عمليّة الحَرْق هذه.
صناعة الخَزف
الخَزف: هو فخّار تمّ تزجيجه؛ ولذلك فإنَّ عمليّة صناعة الخَزف هي عمليّة صناعة الفخّار ذاتها، وبمراحلها كافَّة، وصولاً إلى مرحلة الحَرْق الأوَّل، ومن الجدير بالذكر أنَّ الاختلاف في صناعة الخَزف يكمن في ما بعد مرحلة الحَرْق الأوَّل، أو التفخير؛ حيث يتمّ غَمْر الإناء الفخّاري المحروق داخل سائل زُجاجيّ مُعيَّن؛ وذلك لسَدِّ المسامات جميعها، وجَعْله غير راشحٍ للماء، بالإضافة إلى إعطائه ملمساً زُجاجيّاً ناعماً، ثمّ بعد ذلك يتمّ رَفْع الإناء من السائل الزُّجاجيّ، وتَرْكه إلى أن يَجفّ طبيعيّاً، ثمّ يُوضَع في الفُرْن؛ لحَرْقه للمرَّة الثانية، وتحت درجة حرارة مُعيَّنة؛ حيث يَنتُج في النهاية مُنتَج أملس، وناعم، وبرَّاق، مثل: المزهريّات، وفناجين الشاي، والأطباق، والتُّحَف الصغيرة.[٣]