المقال الصّحفِي
يختلِف المَقَال الصّحفِي عن المَقالات الأخرى بأنّه تعبير ذاتِي وشخصّي عنْ الأفكار والخِبرات والاتّجاهات، والمَقال الصّحفِي يتميّز عن غيرِه بأنّ العُنصُر الشّخصِي يُعد رُكناً أساسِيّاً منْ أركانِه، وهُناك قاعِدة مشهورة في العمل الصّحفِي تقول أنّ الخَبَر مُقدّس والتّعليق حُرْ، ما يعنِي أنّ كاتِب المَقَال له الحُريّة الكامِلة في إبداء رأيِه والتّحلِيل بالطّريقة التي يراها مُناسِبة وتُعبِر عن وجْهة نظرِه، ورُغم أنّ بداية الصّحافَة كانت في كِتابة المقالات وتحوّلَت إلى صَحافَة الخَبَر إلا أنّ المَقال لم يفقِد أهميتُه وحيويتُه، ويُعتبر المَقَال مُؤشِراً منْ مُؤشِرات الحُريّة التي يتمتّع بها بلد دون الآخر لأنّ هناك بعض المَقالات النّقديّة التي تُهاجِم مظاهِر الفساد والسّياسات غير السّويّة في بلدٍ ما، وتنبَع أهميّة المَقال منْ قُدرتِه على التأثِير في الرّأي العام كما عبّر أحدْ الخُبراء عنْ المَقال الصّحفِي بأنّه رسالة منْ العقِل إلى العقِل والقَلب، ومع تطّور الصّحافَة ودُخولها عالَم التُكنولوجيّا أصبحت المقالات لا تقتصِر على الصُحُفْ، بل وتنتشِر على الانترنت والمواقِع الخاصّة بالصُحُف أو المقالات الصّحفيّة، وأصبح التّأثير بالرّأي العام منْ خِلال المقال الصّحفِي أكبر وأكثَر انتِشاراً، ولم يعُد يقتصِر كتابة المَقالات الصّحفيّة على كُتّاب بعينِهِم، فيُمكِن لأيْ شخص أنْ يكتُب مَقالاً صحفِيّاً ولكنْ باتّبَاع قواعِد الكتابة فيه وإبدَاء آرائِه وتحليلاتُه لحادِثة مُعيّنَة أو موضُوع مُعيّن يشغَل الرّأي العام.
تعرِيف المقال الصّحفِي: وهي الأدّاة الصّحفِيّة التي تُعبّر بشكِل مُباشِر عن آراء كُتّابِها في أحداث مُعيّنَة وفي قضايا تشغَل الرّأي العام.
وظائِف المَقال الصّحفِي
- الإعلام حيثُ يُقدّم المَقال معلومات وأفكَار جديدة من نوعِها عن قضايا ومُشكِلات تشغَل الرّأي العام.
- الشّرْح والتّفسِير وذلك منْ خِلال التّعليق على الأخبار والأحدَاث وتحلِيلَها بهدف استِجلاء أبعادِها ودَلالاتِها.
- التّثقِيف وذلك عنْ طريق نشِر المَعارِف المُختلِفة التي قد تهِم الإنسان، وجعلِه مُطّلِع على كل ما هو جديد.
- تكويِن رأي العالَم وذلك منْ خِلال التّأثير على اتِجاهات الرّأي السّائدَة في المُجتمَع إمّا بالسّلبيّة او بالإيجابيّة.
- التّسلِيّة والامتَاع للتّرويح عنْ القُرّاء مع وجود هدف مُعيّن مُرتبِط بالتّسليّة.
- تسلِيط الضُوء على بعض مَجالات المُجتمَع التي تكون بحاجَة إلى تنميّة واهتِمام.
- الدّفاع عنْ الحُريّات التي لا تتناقَضَ مع الأخلاقِيات والمبادِئ السّاميّة.
كيفية كتابَة المَقال الصّحفِي
إذا كنت تملِك الرّغبَة بكتابِة مَقال صَحفِي ولمْ تُمارِس ذلك منْ قَبل، فيُمكنُك الاستِرشَاد ببعض الخُطُوات التي تُخوّلُك لكتابة المَقالات الصّحفِيّة وتُسّهِل عليك عملية الكتابة وهي كالتالي:
- تحديد الفِكرَة الرّئيسية للمَقال، وتحديدُ العناصِر التي ستقوم منْ خِلالها بجمِع المعلومات حولَ الفِكرَة مثل المُقابَلات، أم الاتِصال أم توزِيع الاستِبانات ومنْ المُهم أن يُصبِح لديك فِكرة أكثر نُضوجاً.
- في البّداية قمْ بكِتابة مُلخَص عنْ فِكرة المقال في أسطُر قليلة ليتوّفَر لديك تفصِيلاً وافِيّاً حول فِكرة المَقال والالتزام بها.
- قسِّم المَقال إلى عناصِر ونِقاط وابدأ عمليّة جمْع المعلومات، وقمْ بترتِيب الأفكار قبلَ البِدءْ في كِتابة المَقال، لتتأكّد منْ عرضِها بصورة مُتسَلسِلَة وأفكار مُرتّبة بشكِل منطِقِي ومُترابِط.
- لا تكتفِي بعرضْ الحقائِق والآراء بشكِل مُجرّد، بل ابحَث عنْ دلالاتِها وأبعادِها مع ربطِها بحقائق أخرى للخُروج بأفكَار جديدة للقارِئ تجعلُه ينجَذِبْ للمَقَال ويقرأهُ كامِلاً.
- ابدَأ بكِتابة مُسوّدة أوليّة للمَقال وتأكّد منْ استِكمالِك للمعلومات النّاقِصة أو حذف معلومات غير هامّة وإتمَام المُراجعَة اللّغويّة وأسلُوب الكِتابة، قبل أنْ تقوم بتقدّيم المَقال للجِهات المعنيّة التي ستقوم بعمليّة النّشر.
شُروط كِتابة المَقال بصُورة جيّدة
الكتابة مُتعّة وليست مُجرّد عملية عرْض لآراء وأفكَار، وكِتابة المَقال هي تجرُبة أصعب من تجرُبة الكِتابة في الفُنون الصّحفيّة الأخرى التي تعتمِد بدرجَة كبيرة على المعلومات التي يتّم جمعِها والوصُول إليها منْ مصادِر مُختلِفة، ولأنّ الكِتابة الجيّدة تحتاج إلى المُمارسَة، فهناك شُروطاً يجب أنْ تتحقَق وتتضّح منْ خِلال الكِتابة وهي:
- صّحة وسلامِة اللُغة والتّعبير السّليم، بحيثُ يُسّهِل على القارِئ الفَهِم الكامِل للمقال.
- التّرابُط والتُجانُس بين الأفكار الرّئيسية والفرعِيّة والفقرات ومُحاولِة تجنُب الانتِقال المُفاجِئ المُربِك بين الجُمَل والفقرات.
- الإقنَاع والتّأثير وصلاً إلى تحقِيق الهدف منْ الكِتابة، ويتّم ذلك من خلال اللُجوء إلى أسلوب الإقناع العقلِي بالاعتِماد على الحُجَج والدّلائل والحقائِق ثم أسلوب التأثِير العاطِفي الوجدانِي انطِلاقاً منْ المشاعِر والأحاسِيس المُحيطّة بالكاتِب والقضيّة.
- عرْض تجربتُك الإنسانيّة دون الحديث الشّخصِي الذّاتي، وإنّما القِيام بتوظِيف التّجرُبة في الحديث عنْ الأشياء والموضوعات.
- الجَمِع بين المُتعّة والفائِدة ويتّم ذلك منْ خلال أسلوب السُخريّة أو التَهكُم، الأسلوب القَصِصي، وتوظِيف أحداث الحياة اليّوميّة، وتجنُب التّكرار والإطّالة والاستطْرَاد.
- التّقسِيم الجيّد للجُمل والفقرات وإتقَان أسلوب الكِتابة الحسَنّة.
- مُراعاة علامات التّرقِيم منْ أجل التّوضِيح والتّرابُط وجعل المقال مُتكامِلاً منْ النّاحية اللّغويّة، وذلك لجعلْ القِراءة مُمتِعة.
لُغة المقال الصّحفِي
لُغة المقال الصّحفِي هي وسَط ما بين لُغة المَقال الأدبِي ولُغة المَقال العِلمِي، ففي المَقال الأدبِي يقوم الكاتِب بالتّعبير عنْ عواطِفه ومشاعِرُه وتجربتُه الشّخصية تِجاه موقِف مُعيّن حدث معه، أمّا المَقال العِلمِي فهي أداة يستخدمُها العالِم أو المُكتشِف لوصِف حقيقة علْميّة وإثباتِها منْ خِلال منهَج عِلمِي مُتكامِل يكون منهجاً موضوعِياً باختِلاف المَقال الصّحفِي الذي يحتوي على آراء الكاتِب وثقافتِه، إنّ لُغة المَقال الصّحفِي هي لُغة الحياة العامَة، مِمَا يعنِي أنّ أنها للمواطِن العادِي، فهِي لغتُه التي يفهمَها الجميع مهما اختلَفت مُستوياتِهم التّعليميّة، الثّقافِيّة أو الاجتماعيّة، وهذا لا يعنِي أنْ تكون لُغة المَقال الصّحفي بالعامِيّة، إنّما يجِب أنْ تكون لُغة عربيّة فُصحى ولكنْ كلماتِها سَهلَة الفَهِم وليست مُعقدّة.
اختِيار موضوع المَقال
إنّ اختِيار موضوع المَقال يتطلّب منْ الكاتِب أنْ يختَار موضوعاً يعرِف عنه قَدرَاً كافِياً ولديه منْ المعلومات ما يكفِي لكِتابة مَقال كامِل، وأنْ يكون هذا الموضوع مقبُولاً من جانِب القُرّاء والمُجتمَع الذي سيتّم نشِر المَقال له، ويكون الموضوع في العادّة منْ الحياة، كتجرُبة شخصيّة مررتَ بها، أو حادِث شاهدتُه أو قِراءة الصُحُف والمجّلات والكُتُب.
تحديد الهدَف منْ المَقَال
إنّ منْ أهم الأمور التي يتوقّف عليها النّجاح في كِتابِة المَقال هو تحدِيد الهدَف منْ كتابتِه، وهذا التّحديد يُساعِد على أمرين مُهمِين هما، معرفة ماذا تكتُب، وكيف تَكتُب.
أنواع المَقالات الصّحفِية
- يوجد الكثير من أنواع المقالات الصحفية، فمنها المقال الافتتاحي وهو المقال الذي يعبر عن آراء الصحيفة وليس للكاتب أي رأي، وهي في العادة تأخذ الشكل الهرمي للكاتبة ويتكون من ثلاث عناصر رئيسية وهي المقدمة والمتن والخاتمة، ولا يتم ذكر اسم الكاتب لأن المقال يعبر عن رأي الصحيفة نفسها.
- ويوجد نوع آخر وهو المقال العمودي وهو المقال الذي يكون له مساحة معينة في الصحيفة وفي الغالب لا تزيد عن عمود واحد، ويكون مخصص لكبار الكتاب ليعبروا عن آرائهم في حدث معين بطريقتهم الخاصة، وينشر هذا النوع من المقالات إما يومياً أو اسبوعياً.
- ويوجد المقال التحليلي وهو المقال الذي يعد أكثر تأثيراً لأنه يتعمق في الأحداث والقضايا التي تخص المجتمع ويعد المقال التحليلي من أهم المقالات والتي يتم اعطائها الكثير من الأهمية من قبل الصحف والناشرون.
- ويوجد أيضاً المقال النقدي وهو المقال الذي يفسر ويحلل ويقيم بعض المنتجات الأدبية أو الفنية أو انتقاد قرار حكومي أو قضية معينة لإحاطة القارئ لكافة الجوانب السلبية والإيجابية لما يتابعه من فنون وإنتاج أدبي وعلمي، وعلي الأغلب يكون هذا النوع من المقال بشكل يومي.
- والنوع الأخير هو مقال اليوميات الصحفية، وهي مقالات يتم نشرها بشكل يومي ويشبه إلى حد ما العمود الصحفي، ويكون المقال يحمل رأي الكاتب ونظرته للأمور من حوله، وتتم كتابته بطريقة بسيطة وسهلة يفهمها القارئ.