المماليك
يتمّ تعريف المماليك في اللغة على أنّهم الرقيق(العبيد) الذين سُبوا دون آبائهم وأمّهاتهم، ومفرد كلمة مماليك هو مملوك: أي العبد الذي يُشتَرى، وهذا اللّفظ يُعتبَر عامّاً على جميع الرقيق، إلّا أنّه يأخذ شكلاً خاصّاً في الإسلام، فمنذ بداية حُكم الخليفة العباسيّ المأمون، وأخيه الخليفة المُعتصم، وجلبهما للعديد من الرقيق من أسواق النخاسة؛ وذلك لاستخدامهم والاعتماد عليهم في الجيش؛ بهدف تَدعيم نفوذهما العسكريّ، وقد أصبح المماليك فيما بعد الأداة الرئيسيّة في الجيش في العديد من البلاد الإسلاميّة، وفي عهد الدولة الأيوبيّة اعتُمِد بشكلٍ كبيرٍ على المماليك، إلّا أنّ أعدادهم لم تكن كبيرةً حتى جاء الملك الصالح نجم الدين أيّوب؛ الذي أَكثرَ من استخدام المماليك في جيشه بعد أن ظهرت فِرقة الخوارزميّة في جيشه؛ ومن هنا تزايدت أعداد المماليك بشكلٍ كبيرٍ جدّاً، وخصوصاً في مِصر.[١]
نشأت دولة المماليك نتيجةً لأنّ الدولة الأيّوبية أصبحت في حالة ضَعْف في كلٍّ من سوريا، ومِصر، ولأنّ نظامهم في الحُكم لم يكن وراثيّاً، حيث كان الأيّوبيون يُعيّنون المماليك في المناصب الحكوميّة المُختلِفة، وقد تأسَّست الدولة المملوكيّة بعد انتصار المماليك في معركة عين جالوت على المَغُول، ووَرِثوا آخر مَعقِل للأيّوبيين بعدها، كما استطاعوا السيطرة على مكّة المُكرَّمة والمدينة المُنوَّرة، وجعلوا القاهرة عاصمة لهم.[٢]
ضَعف الدولة المملوكيّة
شَهِدت دولة المماليك سنوات من الرخاء والازدهار، إلّا أنّها في منتصف القرن الرابع عشَر بدأت تعاني بعض عوامل الانهيار، والضَّعف الدِيموغرافيّ،[٣] والاقتصاديّ، ومن أهمّ عوامل ضَعْف الدولة المملوكيّة:[٤]
- انتِشار مرَض الطاعون.
- الهجمات البحريّة التي تعرَّضت لها دولة المماليك من قبل جنوة، والبندقيّة.
- قِيام قُبرص الصليبيّة بنَهب الإسكندريّة عام 1365م.
- تعرُّض الساحل السوريّ إلى الهجوم من قِبل مملكة قُبرص الصليبيّة.
- هجمات تَيمورلَنك على سوريا في عام 1400م، ونَهْبه لكلٍّ من حلب، ودمشق.
- تعرُّض الموانئ السوريّة للهجوم من قِبل المارشال جان بوسيكو عام 1403م.
تُعَدُّ فترة حكم قانصوه الغوريّ المرحلة الأخيرة في حُكم الدولة المملوكيّة؛ حيث كان قانصوه آخِر السلاطين فيها، وفي عهده تعرَّضت تجارة المماليك للانهيار؛ وذلك بسبب اكتشاف رأس الرجاء الصالح، حيث اتَّسع النشاط التجاريّ للبرتغاليّين في المحيط الهندي بعد هذا الاكتشاف، وكانت نهاية قانصوه الغوريّ في معركة مَرْج دابِق، التي هُزِم فيها المماليك على يد السلطان سليم العثمانيّ، إلّا أنّ نهاية المماليك لم تأتِ مع مَقتَل قانصوه الغوريّ؛ إذ إنّ المماليك كانوا يحكمون مِصر على الرّغم من أنّها أصبحت خاضعةً للحُكم العثمانيّ، وقد كان القضاء على المماليك من أهمّ الأهداف لحَملة نابليون على مِصر، فقد أظهر نابليون للناس أنّه جاء ليُحرِّرَهم من ظُلم العبيد (المماليك)، وفي تلك الأثناء خاض المماليك العديد من المعارك ضدّ الفرنسيّين، من أهمّها:[٤]
- معركة شبراخيت: وفي هذه المعركة هُزِم المماليك من قِبَل الفرنسيّين.
- معركة الأهرامات: وقد خاض المماليك هذه المعركة في إمبابة، وهُزموا فيها أيضاً.
- معركة الصالحيّة: خاض المماليك هذه المعركة، وأثبتوا فيها قُوّتَهم وشجاعتَهم.
أَضعفَت حملةُ الفرنسيّين المماليكَ بشكلٍ كبيرٍ، وقد كانت نهايتهم على يد مُحمَّد علي باشا الذي قضى على قادتهم؛ ففي الأوّل من آذار من عام 1811م، دَعا مُحمَّد علي باشا القادة المماليك إلى قلعة القاهرة للاحتفال بتعيين ابنه في قيادة الجيش (أحمد طوسون)، وأمر جنوده بقَتْل كلِّ المماليك عند خروجهم من القلعة، وهذا ما حدث فعلاً، حيث تمَّ القضاء على كلِّ من كان في القلعة من المماليك، وانتهى بذلك عَهد المماليك ووجودهم في مِصر.[٤]
المماليك البحريّة
ظهرَت المماليك البحريّة بشكل كبير في عهد الملك الصالح نجم الدين أيّوب؛ حيث استخدمهم بشكل كبير، واهتمّ بتنشِئتهم تنشئة عسكريّة، كما جَعلَهم من حرسه الخاصّ، وولّاهم العديد من المناصب، إلّا أنّه بسبب عبثهم وزيادة الشكاوى عليهم، أسكنهم الملك الصالح في جزيرة الروضة في نهر النيل، ولهذا تمّت تسمِيَتهم بالمماليك البحريّة، علماً بأنّ معظم هؤلاء المماليك كانوا من آسيا الصغرى، وبلاد ما وراء النهر، وفارس، وشبه جزيرة القرم، والقفجاق، وقد كانوا يُعتَقون بعد أن يُتِمّوا دراستهم في حفل يحْضُره كلٌّ من السلطان والأمراء، وكانت علاقتهم بأستاذهم تُوصَف بأنّها علاقة صداقةٍ وزمالة.[٥]
المماليك البرجيّة
تعود المماليك البرجيّة إلى الجراكسة، الذين كانوا يعيشون في منطقة شمال أرمينيا (بين بحر الخزر، والبحر الأسود)، وقد كان السلطان المنصور سيف الدين قَلاوُون، يَعتمد على الجراكسة بشكل كبير، حيث جعل أبراج القلعة مَسكناً لهم، ومن هنا جاءت تسمِيَتُهم ب (المماليك البرجيّة)، واهتمّ السلطان قلاوُون بتربِيَتهم، فأحسن مُعاملتهم وأشفقَ عليهم، وكانوا من أهمّ العوامل التي ساهمت في بقاء حُكم أسرة قلاوُون لمدّة طويلة، وقد تزايد نُفوذ المماليك البرجيّة بسبب ضَعْف بيت قلاوُون، فسيطروا على السَّلطنة بعد أن ضَيَّقوا على الناصر مُحمَّد، وتأسَّست دولتهم على يد برقوق بن أنس العثمانيّ (أمير جركسيّ).[٦]
كان عهد المماليك الجراكسة (البرجيّة) يتميّز بالصراعات المُستمِرّة والمُؤامرات، أمّا من ناحية العلم، والأدب، فقد كان سلاطين المماليك يُشجِّعون على بناء المدارس، والمساجد، وكان للمماليك البرجيّة دَورٌ مُهمّ في الوقوف ضدّ أطماع تَيمورلنك في بلاد الشام، ومن أهمّ سلاطين المماليك البرجيّة:[٦]
- الظاهر سيف الدين برقوق: حيث نُفِي بعد استلامه الحُكم بستِّ سنوات.
- السلطان فَرَج: إذ أخذ البيعة من والده عندما كان يبلغ من العمر عشر سنوات.
- المؤيَّد المحمودي: وقد عُرِف عنه حُبّه للموسيقى والشعر، كما أنّه كان سفَّاكاً للدماء، وعالِماً بالحروب.
- السلطان قايتباي: ويُعتبَر من أعظم سلاطين المماليك البرجيّة، وأطولهم عهداً، حيث استمرّ حُكمُه مدّة 29 عاماً.
- قانصوه الغوريّ: إذ تولّى الحُكم عندما تجاوز الستّين من عمْره، إلاّ أنّه أعاد النظام والأمن للبلاد وأثبت قُدرته على الحُكم.
المراجع
- ↑ راغب السرجاني (14-8-2016)، "نشأة المماليك"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-1-2018. بتصرّف.
- ↑ "دولة المماليك (1250–1517)...1- من هم المماليك؟ وكيف أسسوا دولتهم؟"، www.syr-res.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-1-2018. بتصرّف.
- ↑ "الضعف الديموغرافي: الضعف السكاني، أي الانحدار في معدل النمو. "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "دولة المماليك (1250–1517)... 2- ما الذي يميز دولة المماليك؟ وهل أنصفهم التاريخ؟"، www.syr-res.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-1-2018. بتصرّف.
- ↑ "دولة المماليك البحرية"، islamstory.com، 12-12-2011، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الرفاعي (25-4-2012)، "دولة المماليك البرجية"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2018. بتصرّف.