حقوق الإنسان
يمتلِك البشر حقُوقاً بشكلٍ بديهيّ؛ لمُجرَّد كَوْنهم بشراً، دونَ النظر إلى أعراقهم، أو لغاتهم، أو أجناسهم، ولا يجوز لأحد تجريدهم من هذه الحقوق، وتُعرَّف حقوق الإنسان بأنّها: مجموعة من الحقوق التي تنتمي إلى فرد، أو مجموعة من الأفراد، على شكل سلسلة من القِيَم، والقدرات التي تحمي المصالح البشريّة، وتضمن سلامتهم الفرديّة، أو الجماعيّة، وتعود فِكرة حقوق الإنسان إلى المُجتمَع اليونانيّ القديم؛ إذ إنّه عند ظهور الرواقيّين في روما، نشأ معهم القانون الطبيعيّ للبشر، والذي تبعه قانون حقوق البشر، أمّا مُصطلَح حقوق الإنسان، فلم يظهر إلّا مع الحرب العالميّة الثانية، وتأسيس الأُمَم المُتَّحِدة عام 1945م، وبعدها تمَّ اعتماد الجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان في عام 1948م.[١]
اتفاقيّة حقوق الإنسان
تتعرَّض حقوق الإنسان للانتهاكات من قِبَل العديد من الجهات الرسميّة، وغير الرسميّة؛ لذا تلجأ بعض المُنظَّمات إلى وَضْع وثائق، واتّفاقيات عالَميّة؛ لحماية هذه الحقوق من الضياع، وخاصّةً بعد الانتهاكات التي وقعت أثناء الحرب العالميّة الثانية، ومن أهمّ هذه الاتّفاقيات اتّفاقية حقوق الإنسان، أو ما يُعرَف بالإعلان العالَميّ لحقوق الإنسان، والتي تُعرَّف بأنّها: وثيقة تاريخيّة مُهِمّة، صاغَها مجموعة من الحقوقيِّين من مُختلَف بُلدان العالَم، ومن مُختلَف التوجُّهات القانونيّة، والثقافيّة، حيث اعتمدتها الجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة كإعلانٍ عالَميّ لحقوق الإنسان، تحت القرار رقم (217 أ)، وذلك في باريس بتاريخ 10\12\1948م، إذ يتبنّى هذا الإعلان مجموعة من الحقوق الإنسانيّة الأساسيّة التي ينبغي حمايتها عالَميّاً، وقد تُرجِم هذا الإعلان إلى أكثر من 501 لغة، وساهمَ ببناء بعض دساتير الدُّوَل الديمقراطيّة الحديثة، علماً بأنّ إليانور روزفلت ترأّست الاجتماع الذي أعتُمِدت فيه الاتّفاقية، ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الدُّول امتنعت عن التصويت لهذه الاتّفاقية، مثل: الاتّحاد السوفيتيّ، وتشيكوسلوفاكيا، وبولندا، والسعوديّة، وجنوب أفريقيا، ويوغسلافيا السابقة.[٢][٣]
وتُطبَّق الاتّفاقيات المُتعلِّقة بحقوق الإنسان بعدَ سَنِّها، من خلال توقيع الدُّول لمعاهدة دوليّة؛ تلتزم فيها بتطبيق الالتزامات المُتضمّنة فيها جميعها، حيث يتمّ اتّخاذ القرارات، والتدابير التي تُيَسِّر حقوق الإنسان، وحماية الأفراد جميعهم من أيّة انتهاكات، واحترام تطبيقها بشكل كامل؛ حيث يُمنَع تدخُّل الدولة في حقوق الإنسان، أو مُحاوَلة التقليص منها، كما تلتزم الدُّول بعدَ موافقتها على المعاهدات، بوَضْع تدابير، وتشريعات محلِّية تتَّسِم بالاتّفاق مع التزامات حقوق الإنسان، وواجباتها التعاقديّة، ومن ثمّ، فإنّ النظام القانونيّ المحلِّي يُوفِّر الحماية القانونيّة الأساسيّة لحقوق الإنسان المكفولة في إطار القانون الدوليّ.[٤]
بعض الموادّ الواردة في اتفاقيّة حقوق الإنسان
يتكوّن الإعلان العالَميّ لحقوق الإنسان من 30 بنداً، وهذه البنود تشمل الحقوق المدنيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، إذ تقع تحتَ البنود المُرقَّمة من 3 إلى 21، الحقوق المدنيّة والسياسيّة، والبنود من 22-27، تتضمّن الحقوق الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة،[٣] وفيما يلي ذِكْر لهذه البنود:[٥]
-
بعض البنود التي تشمل الحقوق المدنيّة:
- المادّة رقم 3: لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة، والحرِّية، والأمان على ذاته.
- المادّة رقم 4: يحرم استرقاقُ أحد، أو استعبادُه، ويُمنَع الرقّ، والاتّجار بالرقيق بصوره جميعها.
- المادّة رقم 5: يحرم إخضاعُ أحد للتعذيب، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانيّة، أو المُعامَلة المُنقِصة للكرامة.
- المادّة رقم 15: لكلِّ فرد حقُّ التمتُّع بجنسيّة ما، ويحرم -تعسُّفًا- مَنْع أيِّ شخص من جنسيَّته، أو من حقِّه في تغييرها.
-
بعض البنود التي تشمل الحقوق الاجتماعيّة:
- المادّة رقم 16: للرجل والمرأة، عند وصولهما إلى سنِّ البلوغ، الحقُّ في الزواج، وتأسيس أُسرة، دون أيِّ قيد، وهما متساويان في الحقوق عند الزواج، وخلال انعقاد الزواج، وعند انحلاله، ولا يُعقَد الزواجُ إلّا برضا الطرفين المُراد زواجهما بشكل كامل لا إكراهَ فيه، والأسرةُ هي النواة الطبيعيّةُ، والأساسيّةُ في المُجتمَع، ولها حقُّ التمتُّع بحماية المُجتمَع، والدولة.
- المادّة رقم 22: لكلِّ إنسان بوَصْفه عُضوًا في المُجتمَع، حقٌّ في الضمان الاجتماعيّ، ومن حقِّه توفير ذلك له.
-
بعض البنود التي تشمل الحقوق السياسيّة:
- المادّة رقم 6: لكلِّ شخص، في كلِّ مكان، الحقُّ بالاعتراف له بالشخصيّة القانونيّة.
- المادّة رقم 7: الناسُ جميعاً سواسية أمام القانون، وهم يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون من غير تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ، ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز.
- المادّة رقم 9: لا يجوز حَبْس أيِّ إنسان أو سَجْنه، أو حَجْزه، أو نَفْيه تعسُّفًا.
- المادّة رقم 19: لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحُرِّية الرأي، والتعبير، ويشمل ذلك حُرِّيته في اعتناق الآراء دون مُضايقة، وفي التماس الأخبار، والأفكار، وتلقِّيها، ونَقْلها إلى الآخرين بأيَّة وسيلة، ودونما اعتبار للحدود.
- المادّة رقم 20: لكلِّ شخص حقٌّ في حُرِّية الاشتراك في الاجتماعات، والجمعيّات السلميّة، ويحرم إرغامُ أحدٍ على الانتماء إلى جمعيّة ما.
-
بعض البنود التي تشمل الحقوق الاقتصاديّة:
- المادّة رقم 17: لكلِّ شخص حقٌّ في التملُّك، بمفرده، أو بالاشتراك مع غيره، ويحرم تجريدُ أحدٍ من مُلكِه تعسُّفًا.
- المادّة رقم 23: لكلِّ إنسان الحقُّ في العمل، وفي حرِّية اختياره، وفي شروط عملٍ عادلة، ومُرضية، وفي الحماية من البطالة، وللناس جميعهم دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجرٍ مُتساوٍ على العمل المتساوي، ولكلِّ فرد يعمل، حقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته حياة لائقةً بالكرامة البشريّة، ولكلِّ إنسان حقُّ إنشاء النقابات مع آخرين، والانضمام إليها؛ بهدف حماية مصالحه.
-
بعض البنود التي تشمل الحقوق الثقافيّة:
- المادّة رقم 26: لكلِّ إنسان حقٌّ في التعليم، ولا بُدَّ من توفير التعليم مجَّاناً، على الأقل في مرحلتَيه: الابتدائيّة، والأساسيّة، حيث يكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميّاً، ويكون التعليمُ الفنِّي، والمهنيّ مُتاحاً للعموم، ويكون التعليمُ العالي مُتاحاً للجميع؛ تِبعاً لكفاءتهم.
- المادّة رقم 27: لكلِّ شخص حقُّ المُشارِكة الحُرَّة في حياة المُجتمَع الثقافيّة، وفي الاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدُّم العلميّ، ولكلِّ شخص حقٌّ في حماية المصالح المعنويّة، والمادِّية المُترتِّبة على أيِّ إنتاج علميّ، أو أدبيّ، أو فنِّي من صُنْعِه.
اتّفاقيات أخرى لحقوق الإنسان
لم تتوقَّف المُنظَّمات عن وَضْع الاتّفاقيات بعدَ الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، حيث وَضَعت مجموعة من الاتّفاقيات الحقوقيّة، منها:[٦]
- اتّفاقية حقوق الطفل: وُضِعت هذه الاتّفاقية عام 1989م، بقرار من الجمعيّة العامّة، وتمَّ تنفيذها عام 1990م، حيث كانت مُختَصَّة بحقوق الطفل، عَبْر رؤية تتمثّل بأهمِّية الاهتمام بالطفل؛ لكونه غير ناضج بدنيّاً، وعقليّاً.
- اتّفاقية القضاء على أشكال التمييز ضدّ المرأة جميعها: وقد تمّ وَضْع هذه الاتّفاقية عام 1979م، وبدأ العمل بها عام 1981م، وهيَ اتّفاقيّة تفصيليّة لأحد بنود الإعلان العالَميّ لحقوق الإنسان؛ فهي تُؤكِّد على أهمِّية عدم التمييز، وأنّ الناس يُولَدونَ مُتساوِيين في الكرامة، والحقوق، إلّا أنّها تُركِّز بشكل أكبر على المرأة.
- اتّفاقية مُناهَضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسِية، أو اللاإنسانيّة، أو المُهِينة: صِيغَت هذه الاتّفاقية عام 1984م، وبدأ تطبيقُها عام 1987م، وهي اتّفاقية تفصيليّة للمادَّتَين رقم 5، و 7 من اتّفاقية حقوق الإنسان؛ حيث تنصُّ هاتان المادَّتان على عدم جواز تعرُّض أحد للتعذيب، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانيّة، أو المُهِينة، أو غيرها.
- الاتّفاقية الدوليّة لحماية حقوق العُمّال المُهاجِرين جميعهم، وأفراد أُسَرِهم: اعتُمِدَت هذه الاتّفاقية عام 1990م، حيث إنّها تَنظرُ إلى حجم المشاكل التي قد يُعانِي منها المُهاجِرون لدى العمل في دُوَل غير دولتهم، وتؤكِّد على أهمِّية وَضْع الحقوق الخاصّة بهم، وحمايتها.
المراجع
- ↑ "Human rights", www.britannica.com, Retrieved 13-08-2018. Edited.
- ↑ "Human Rights", www.un.org, Retrieved 11-8-2018. Edited.
- ^ أ ب George J. Andreopoulos (8-11-2017), "Universal Declaration of Human Rights"، www.britannica.com, Retrieved 11-8-2018. Edited.
- ↑ "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، www.un.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-8-2018. بتصرّف.
- ↑ "Universal Declaration of Human Rights", www.un.org, Retrieved 11-8-2018. Edited.
- ↑ الأمم المتحدة (2006)، المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، جنيف: منشورات الأمم المتحدة، صفحة 73,97,98,143,175,176. بتصرّف.