أحكام زكاة الفطر

كتابة - آخر تحديث: الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٩

زكاة الفطر

الزكاة لغةً: الزيادة، وأمَّا شرعاً: فهي إيجاب قدرٍ من المال، في أنواعٍ مخصوصةٍ من المال، من مالكٍ مخصوص،[١] وأمَّا الفطر: فهو اسم مصدرٍ من قولك أفطر الصائم إفطاراً، وأُضيفت الزكاة إلى الفطر؛ لأنه سببٌ وجوبها، فهو من إضافة الشيء إلى سببه، ويُقال لها فِطرة؛ لأن الفِطرة هي الخِلقة، قال الله سبحانه: (فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)،[٢] ويُراد بها الصدقة عن البدن والنفس،[٣] أمَّا تعريف زكاة الفطر في الاصطلاح: فهي صدقةٌ واجبةٌ بالفطر من شهر رمضان.[٤]


أحكام زكاة الفطر

الذين تُؤدّى عنهم زكاة الفطر

اختلف الفقهاء في الأشخاص الذين تُؤدّى عنهم زكاة الفطر، وبيان اختلافهم كالآتي:

  • الحنفية: ذهب الحنفية إلى أن المسلم يُؤدّي زكاة الفطر عن نفسه إن كان مالكاً للنصاب، ويُؤدّيها عن كل من تلزمه نفقته، كأولاده الصغار الفقراء، وإن كانوا أغنياء أخرج زكاة الفطر من مالهم، ولا يجب عليه أن يُخرج زكاة الفطر عن جدّه، ولا عن أولاده الكبار، ولا عن زوجته.[٥]
  • المالكية: ذهب المالكية إلى أن المسلم يُخرج زكاة الفطر عن كل شخصٍ يقوم بنفقته وجوباً إمَّا لقرابةٍ، كالأولاد والوالدين الذين لا مال لهما، وإمَّا لزوجيَّةٍ، كزوجته أو زوجة أبيه إن لم يكن لأبيه مال.[٦]
  • الشافعية: ذهب الشافعية إلى أن صدقة الفطر يُخرجها الشخص عن نفسه، وعن كل من تجب عليه نفقته من المسلمين لقرابةٍ، أو لزوجيةٍ، أو مِلكٍ، فيُخرج زكاة الفطر عن زوجته غير الناشز، ويُخرجها عن خادمه إذا كانت نفقته غير مقدّرة، ولا يُخرجها عن خادمه إن كانت نفقته مقدّرة، ويُخرجها عن أصله وإن علا ذكراً أو أثنى، كجدّته وجدّه بشرط أن يكونوا فقراء، ويُخرجها عن ولده وإن نزل ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، بشرط أن يكونوا فقراء.[٧]
  • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أنه يجب على المسلم أن يُخرج زكاة الفطر عن نفسه، وعن كل من تجب عليه نفقتهم من المسلمين، فإن لم يجد ما يكفي لجميعهم بدأ بنفسه، ثم زوجته إن لم تكن ناشز، ثم أمّه، ثم أبيه، ثم ولده، ثم الأقرب في الميراث، ويُستحبّ أن يُخرجها عن الجنين.[٨]


شروط وجوب أداء زكاة الفطر

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن زكاة الفطر واجبةٌ على كل مسلمٍ، وفي قولٍ للمالكية: إنها سنة، ولزكاة الفطر شروطٌ لوجوب أدائها، وبيان هذه الشروط على النحو الآتي:[٩]

  • الإسلام: قال جمهور الفقهاء إن الإسلام شرطٌ من شروط وجوب أداء زكاة الفطر؛ فزكاة الفطر طاعةٌ من الطاعات، وفيها طُهرةٌ للصائم من الرَّفث واللَّغو، والكافر ليس من أهلها، لكنّه يُعاقب على تركها في الآخرة، أما الشافعية فذهبوا في الأصحّ عندهم إلى أنها تجب على الكافر، ويؤدّيها عن أقاربه المسلمين.
  • الحرِّيَّة: قال جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية إن الحريّة شرطٌ لوجوب أداء زكاة الفطر؛ فالعبد لا يملك، ومن لا يَملِك لا يُمكنه أن يُملِّك غيره، أما الحنابلة فذهبوا إلى أن زكاة الفطر تجب حتى على العبد.
  • القدرة على إخراج زكاة الفطر: اختلف الفقهاء في معنى القدرة على إخراج زكاة الفطر، وفيما يأتي بيان ذلك:
    • ذهب الشافعية، والمالكية، والحنابلة إلى عدم اشتراط ملك النصاب في وجوب أداء زكاة الفطر، وقال المالكية: إذا كان للشخص القدرة على إخراج المقدار الذي عليه من زكاة الفطر، ولو كان ذلك أقلّ من صاع، وكان عنده قوت -أي طعام- يومه، وجب عليه إخراج زكاة الفطر، وقالوا: يجب عليه أن يستدين لأداء زكاة الفطر إن كان غلب عى ظنّه قضاء الدين؛ لأنه يعتبر قادرٌ حكماً، وإن كان لا يرجو السداد فلا تجب عليه، وقال الحنابلة والشافعية: تجب زكاة الفطر على من عنده قوتٌ زائدٌ عن قوته وقوت من يُنفق عليهم في ليلة العيد ويومه، ويُشترط أن يكون ذلك زائداً عن مسكنٍ وخادمٍ يحتاج إليه في الأصحّ، واتّفق المالكية، والشافعية، والحنابلة على أن زكاة الفطر لا تجب على الشخص إن كان المقدار الزائد عنده محتاجاً إليه؛ لأنه غير قادر.
    • ذهب الحنفية إلى أن معنى القدرة على إخراج زكاة الفطر هي أن يكون الشخص مالكاً للنصاب الذي تجب فيه الزكاة من أي مالٍ كان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صَدَقةَ إلَّا مِن ظَهْرِ غِنًى)،[١٠] والمراد أن الصدقة لا تجب عليه إلا إذا كانت له قوةٌ من غنى، ولا يُعتبر غنياً إلا إذا كان مالكاً للنصاب.


وقت زكاة الفطر

اختلف الفقهاء في وقت وجوب زكاة الفطر، واختلافهم على النحو الآتي:[٩]

  • ذهب الحنفية إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر هو عند طلوع الفجر، وهو أحد القولين عند المالكية، وتسميتها بصدقة الفطر دلَّ على أن وجوبها يكون بطلوع فجر يوم الفطر؛ لأن يوم الفطر إنما يكون بطلوع فجر ذلك اليوم، وأمَّا قبله فليس بفطر.
  • ذهب الشافعية في الأظهر عندهم والحنابلة إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر يكون بغروب شمس آخر أيام شهر رمضان، وهو أحد قولين للمالكية، فمن مات بعد غروب شمس آخر يومٍ من رمضان أُخرجت عنه زكاة الفطر، وأمَّا الحنفية فلا تُخرج عنه زكاة الفطر.


واختلف الفقهاء في وقت وجوب أداء زكاة الفطر؛ فذهب الحنفية إلى أن وقت أداء زكاة الفطر مُوسَّع؛ لأن الأمر بأدائها غير مقيَّدٍ بوقت، لكن يُستحب إخراجها قبل الذهاب إلى مصلّى العيد، وذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن وقت أداء زكاة الفطر مُضيَّق، فمن أدَّاها بعد يوم العيد بدون عذرٍ كان آثماً، واتّفق جميع الفقهاء على زكاة الفطر لا تسقط بخروج وقتها؛ لأنها قد وجبت في الذمّة، وأمَّا عن تقديم أدائها قبل وقتها؛ فقد ذهب المالكية والحنابلة إلى جواز تقديم زكاة الفطر قبل وقتها بيومين، وذهب الشافعية إلى أنه يُسنّ إخراجها قبل صلاة العيد، ويُكره تأخيرها بعد الصلاة، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يجوز تقديمها عن وقتها سنةً أو سنتين كالزكاة، وقال بعض الحنفية؛ يجوز تقديمها في شهر رمضان فقط.[٩]


مقدار زكاة الفطر ونوعها

اتّفق الفقهاء على أن الواجب إخراجه في زكاة الفطر صاعٌ من جميع الأصناف التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها، ولكن اختلفوا في المقدار الواجب إخراجه في القمح والزبيب؛ فذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن الواجب إخراجه من القمح هو صاع، وذهب الحنفية إلى أن الواجب إخراجه من القمح أو دقيق القمح أو سويقه هو نصف صاع، وأمَّا الزبيب؛ فرُوي عن أبي حنيفة أنه قال: يجب فيه نصف صاع، وذهب الصاحبان من الحنفية -أبو يوسف ومحمد- إلى أنه يجب إخراج صاعٍ من زبيب.[٩]


واختلف الفقهاء في نوع الزكاة التي تخرج في يوم الفطر، واختلافهم كالآتي:[٩]

  • الحنفية: ذهب الحنفية إلى جواز إخراج القيمة من النقود في زكاة الفطر، وهو الأفضل عندهم، ويجوز كذلك إخراج الزكاة من عروض التجارة، ويُخرج نصف صاع من القمح، أو دَقِيِقِه، أو سويقه، أو يُخرج صاعاً من تمرٍ، أو شعيرٍ، أو زبيبٍ، وما عدا هذه الأصناف الأربعة المنصوص عليها كالعدس، والأرز، واللبن، والجبن؛ فإنها تُقوَّم بقيمة الأشياء المنصوص عليها، كأن يُقوَّم نصف الصاع من القمح بثمانية قروشٍ مثلاً، فيُخرج من العدس ما قيمته ثمانية قروش.
  • المالكية: ذهب المالكية إلى أن زكاة الفطر تُخرج من غالب طعام البلد الذي يعيش في الإنسان، كالعدس، والأرز، والفول، والقمح، والشعير، والسُّلت، والتمر، والأقط، والدُّخْن، وما عدا هذه الأصناف فلا يُجزئ إلا إذا أكله الناس، وتركوا الأنواع السابقة، ولا يجوز الإخراج من غير غالب طعام البلد إلا إن كان أفضل، ولا يجوز إخراج القيمة.
  • الشافعية: ذهب الفقهاء من الشافعية إلى أن زكاة الفطر تُخرج من جنس الأصناف التي يجب فيها العُشر في الزكاة، أو من غالب طعام بلده، وقيل: من غالب طعامه، وقيل: يُخيّر بين الأصناف، ولا يجوز إخراج القيمة.
  • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أن زكاة الفطر تُخرج من القمح، أو التمر، أو الزبيب، أو الشعير، ويُخيّر بين هذه الأشياء، ولو لم تكن طعام أهل البلد، ويُجزئ دقيق القمح إن كان مساوياً للحَب في الوزن، فإن لم يجد ذلك أخرج من كل ما يصلح طعاماً من ذرةٍ، أو أرزٍ، أو نحو ذلك، ولا يجوز إخراج القيمة.


المراجع

  1. علي الجرجاني (1983)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 114. بتصرّف.
  2. سورة الروم، آية: 30.
  3. منصور البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 245-246. بتصرّف.
  4. عبدالقادر التغلبي (1983)، نيل المارب بشرح دليل الطالب (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 255، جزء 1. بتصرّف.
  5. حسن الشرنبلالي (2005)، مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (الطبعة الأولى)، القاهرة: المكتبة العصرية، صفحة 273. بتصرّف.
  6. محمد بن عليش (1989)، منح الجليل شرح مختصر خليل، بيروت: دار الفكر، صفحة 103، جزء 2. بتصرّف.
  7. الخطيب الشربيني (1994)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 114-116، جزء 2. بتصرّف.
  8. منصور البهوتي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، بيروت: دار المؤيد- مؤسسة الرسالة، صفحة 213. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت ث ج وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1992)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار ذات السلاسل، صفحة 336-345، جزء 23. بتصرّف.
  10. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 9613، إسناده صحيح على شرط مسلم.
80 مشاهدة