مقالة عن التسامح

كتابة - آخر تحديث: الجمعة ٢١ يوليو ٢٠١٩

التسامح

التسامح أحد الأخلاق الإسلامية والإنسانية الرفيعة، وفيه معنى العفو والصفح والحلم، إلى جانب السهولة ولين الجانب، ونبذ الحقد والكراهية، فهو يتعلق بأحد أسس العلاقات الإيجابية بين الناس، وأحد مقومات السلم المجتمعي، وهو لا يتعلق بجانب دون جانب، ولا بالفرد وحده، بل يتعدى ذلك ليشمل الكثير من جوانب الحياة، ويشمل الفرد والجماعة على حدٍّ سواء، فللتسامح مجالاته المتعددة، ويترتب عليه آثاره الطيبة أيضاً.


مجالات التسامح

من مجالات التسامح التسامح في علاقات الأفراد مع بعضهم البعض في حياتهم اليومية؛ كتسامح الأب مع تقصير أبنائه وأخطائهم، وتسامح الرجل مع زوجته، وتسامح الجار مع جاره، وتسامح الكبير مع الصغير، وتسامح رب العمل مع عمّاله بالتخفيف عليهم وعدم استغلالهم والتجاوز عن هفواتهم، وتسامح المدرس مع زلات طلابه، ومعاملتهم بروح الأبوة المسؤولة، وأيضاً تسامح البائع مع المشتري، بالصبر والحلم.


فمن ذلك ما ذكره جابر عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (رَحِمَ اللهُ عبدًا سَمْحًا إذا باعَ، سَمْحًا إذا اشْتَرى، سَمْحًا إذا قَضَى، سَمْحًا إذا اقْتَضَى)، وكذلك تسامح الدائن مع المدين، ويشمل التسامح أيضاً العلاقة مع أصحاب الديانات الأخرى، ممن يعيشون في كنف الدولة المسلمة فهؤلاء لهم الحق في العبادة بحرية تامّة دون تدخل في شؤونهم، ومن مجالاته أيضا حق التعبير عن الرأي وعدم مصادرة هذا الحق بذرائع شتى، ومقابلة السيئة بالحسنة، لقوله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ، وكما نلاحظ فإنّ مجالات التسامح متعددة، وتتناول تفاصيل الحياة اليومية، صغيرها وكبيرها؛ ذلك أنّه نبض الدماء الذي يغذي شرايينها.


آثار التسامح

متى التزم أفراد المجتمع بخلق التسامح في كل مجالاته، فإن جواً من السعادة سيغمر حياتهم، فتقوى روابط المحبة بينهم، ويعمّ الاستقرار، وتختفي العداوات، وينتشر العدل، وتعم الطمأنينة قلوب النّاس والأسر، فلا نكاد نسمع عن سجون تمتلئ بالمجرمين، ولا يجد أهل الإصلاح ما يقومون به في هذا المجال، حيث احتل التسامح دورهم، وقام بما يقومون به وزيادة، على لسان أفراد المجتمع في مختلف أماكن تواجدهم وعملهم، وعلى مختلف أنواع علاقاتهم، ونقيض التسامح العداوة والبغضاء والحق، وآثار ذلك وخيمة جداً على الفرد وعلى المجتمع بأسره، بل هي بذور الانهيار الحقيقية التي تفتك بالأمن والسلم المجتمعي.


وعليه فإنّ الأخلاق الإسلامية والإنسانية الرفيعة، والتي من ضمنها خلق التسامح هي الضمانة الوحيدة لاستقرار الأمم والشعوب، ونهضة ورقي المجتمعات، فهي لبنات أساسية في بنيان الأمم والشعوب، وعنوان أصيل في هويتها وسبب في نهضتها وعزتها واستقرارها، ويقول أحمد شوقي:


إنما الأمم الأخلاق ما بقيت

فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا


93 مشاهدة