أشعار حنين واشتياق

كتابة - آخر تحديث: الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠١٩

قصيدة إلى أمي

يقول محمود درويش:

أحنُّ إلى خبز أمي

وقهوة أُمي

ولمسة أُمي

وتكبر فيَّ الطفولةُ

يوماً على صدر يومِ

وأعشَقُ عمرِي لأني

إذا مُتُّ،

أخجل من دمع أُمي!

خذيني، إذا عدتُ يوماً

وشاحًا لهُدْبِكْ

وغطّي عظامي بعشب

تعمَّد من طهر كعبك

وشُدّي وثاقي

بخصلة شعر

بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك

عساني أصيرُ إلهاً

إلهاً أصيرْ.

إذا ما لمستُ قرارة قلبك!

ضعيني، إذا ما رجعتُ

وقوداً بتنور ناركْ

وحبل غسيل على سطح دارك

لأني فقدتُ الوقوف

بدون صلاة نهارك

هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة

حتى أُشارك

صغار العصافير

درب الرجوع

لعُشِّ انتظارِك!


حنين إلى الأوطان ليس يزول

يقول ابن عنين في قصيدته:

حَنينٌ إِلى الأَوطانِ لَيسَ يَزولُ

وَقَلبٌ عَنِ الأَشواقِ لَيسَ يَحولُ

أَبيتُ وَأَسرابُ النُجومِ كَأَنَّها

قُفولٌ تَهادى إِثرَهُنَّ قُفولُ

أُراقِبُها في اللَيلِ مِن كُلِّ مَطلَعٍ

كَأَنّي بِرَعيِ السائِراتِ كَفيلُ

فَيا لَكَ مِن لَيلٍ نَأى عَنهُ صُبحُهُ

فَلَيسَ لَهُ فَجرٌ إِلَيهِ يَؤولُ

أَما لِعُقودِ النجمِ فيهِ تَصَرُّمٌ

أَما لِخضابِ اللَيلِ فيهِ نُصولُ

كَأَنَّ الثُرَيّا غُرَّةٌ وَهوَ أَدهَمٌ

لَهُ مِن وَميضِ الشِعريينِ حَجولُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

وَظِلُّكَ يا مَقرى عَلِيَّ ظَليلُ

وَهَل أَرَيني بَعدَما شَطَتِ النَوى

وَلي في رُبى رَوضٍ هُناكَ مَقيلُ

دِمَشقُ فَبي شَوقٌ إِلَيها مُبَرَّحٌ

وَإِن لَجَّ واشٍ أَو أَلَحَّ عَذولُ

دِيارٌ بِها الحَصباءُ دُرٌ وَتُربها

عَبيرٌ وَأَنفاسُ الشَمالِ شَمولُ

تَسَلسلَ فيها ماؤُها وَهوَ مُطلقٌ

وَصَحَّ نَسيمُ الرَوضِ وَهوَ عَليلُ

فَيا حَبَّذا الرَوضُ الَّذي دونَ عزَّتا

سُحَيراً إِذا هَبت عَلَيهِ قَبولُ

وَيا حَبَّذا الوادي إِذا ما تَدَفَّقَت

جَداوِلُ باناسٍ إِلَيهِ تَسيلُ

وَفي كَبِدي مِن قاسِيونَ حَزازَةٌ

تَزولُ رَواسيهِ وَلَيسَ تَزولُ

إِذا لاحَ بَرقٌ مِن سَنير تَدافَقَت

لِسُحبِ جُفوني في الخُدودِ سُيولُ

فَلِلَّهِ أَيّامي وَغُصنُ الصِبا بِها

وَريقٌ وَإِذ وَجهُ الزَمانِ صَقيلُ

هِيَ الغَرَضُ الأَقصى وَإِن لَم يَكُن بِها

صَديقٌ وَلَم يُصفِ الوِداد خَليلُ

وَكَم قائِلٍ في الأَرضِ لِلحُرِّ مَذهَبٌ

إِذا جارَ دَهرٌ وَاِستَحالَ مَلولُ

وَما نافِعي أَنَّ المِياهَ سَوائِحٌ

عِذابٌ وَلَم يُنقع بِهنَّ غَليلُ

فَقَدتُ الصِبا وَالأَهلَ وَالدارَ وَالهَوى

فَلِلَّهِ صَبري إِنَّهُ لَجَميلُ

وَوَاللَهِ ما فارَقتُها عِن مَلالَةٍ

سِوايَ عَنِ العَهدِ القَديمِ يَحولُ

وَلَكِن أَبَت أَن تَحمِلَ الضَيمَ هِمَّتي

وَنَفسٌ لَها فَوقَ السِماكِ حُلولُ

فَإِنَّ الفَتى يَلقى المَنايا مُكَرَّماً

وَيَكرَهُ طولَ العُمرِ وَهوَ ذَليلُ

تعافُ الوُرودَ الحائِماتُ مَع القَذى

وَلِلقَيظِ في أَكبادِهِنَّ صَليلُ

كَذلِكَ أَلقى اِبنُ الأَشَجِّ بِنَفسِهِ

وَلَم يَرضَ عمراً في الإِسارِ يَطولُ

سَأَلثُمُ إِن وافيتُها ذلِكَ الثَرى

وَهَيهاتَ حالَت دونَ ذاكَ حُؤولُ

وَمُلتَطِمُ الأَمواجِ جَونٌ كَأَنَّهُ

دُجى اللَيلِ نائي الشاطِئَينِ مَهولُ

يُعانِدُني صَرفُ الزَمانِ كَأَنَّما

عَلَيَّ لِأَحداثِ الزَمانِ ذُحولُ

عَلى أَنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ لَم أَزَل

أَصولُ عَلى أَحداثِهِ وَأَطولُ

أَيَعثُرُ بي دَهري عَلى ما يَسوءُني

وَلي في ذَرا المُلكِ العَزيزِ مَقيلُ

وَكَيفَ أَخافُ الفَقرَ أَو أُحرمُ الغِنى

وَرَأيُ ظَهيرِ الدينِ فِيَّ جَميلُ

مِنَ القَومِ أَمّا أَحنَفٌ فَمُسفَّهٌ

لَدَيهِم وَأَمّا حاتِمٌ فَبَخيلُ

فَتى المَجدِ أَما جارُهُ فَمُمَنَّعٌ

عَزيزٌ وَأَمّا ضدُّهُ فَذَليلُ

وَأَمّا عَطايا كَفِّهِ فَسَوابِغٌ

عِذابٌ وَأَمّا ظِلُّهُ فَظَليلُ


قصيدة أإن حن مشتاق ففاضت دموعه

يقول ابن عنين في قصيدةٍ أخرى:

أَإِن حَنَّ مُشتاقٌ فَفاضَت دُموعُهُ

غَدَت عُذَّلٌ شَتّى حَوالَيهِ تَعكُفُ

وَما زالَ في الناسِ المَوَدَّةُ وَالوَفا

فَما لي عَلى حِفظِ العُهودِ أُعَنَّفُ

نَعَم إِنَّني صَبٌّ مَتى لاحَ بارِقٌ

مِنَ الغَربِ لا تَنفَكُّ عَينيَ تَذرِفُ

وَما قيلَ قَد وافى مِنَ الشامِ مُخبِرٌ

عَنِ القَومِ إِلّا أَقبَلَ القَلبُ يَرجفُ

وَأُعرِضُ عَن تَسآلِهِ عَنكَ خيفَةً

إِذا خَفَّ كُلٌّ نَحوَهُ يَتَعَرَّفُ

فَكَيفَ اِحتِيالي بِاللَيالي وَصَرفُها

بِضِدِّ مُرادي دائِماً يَتَصَرَّفُ

أُحاوِلُ أَن أَمشي إِلى الغَربِ

راجِلاً وَأَحداثُها بي في فَمِ الشَرقِ تَقذِفُ


أهاج لك الشوق القديم خياله

يقول الفرزدق:

أَهاجَ لَكَ الشَوقَ القَديمَ خَيالُهُ

مَنازِلُ بَينَ المُنتَضى وَمُنيمِ

وَقَد حالَ دوني السِجنُ حَتّى نَسيتُها

وَأَذهَلَني عَن ذِكرِ كُلِّ حَميمِ

عَلى أَنَّني مِن ذِكرِها كُلَّ لَيلَةٍ

كَذي حُمَةٍ يَعتادُ داءَ سَليمِ

إِذا قيلَ قَد ذَلَّت لَهُ عَن حَياتِهِ

تُراجِعُ مِنهُ خابِلاتِ شَكيمِ

إِذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن نَحوِ أَرضِها

فَقُل في بَعيدِ العائِلاتِ سَقيمِ

فَإِن تُنكِري ما كُنتِ قَد تَعرِفينَهُ

فَما الدَهرُ مِن حالٍ لَنا بِذَميمِ

لَهُ يَومُ سَوءٍ لَيسَ يُخطِئُ حَظُّهُ

وَيَومٌ تَلاقى شَمسُهُ بِنَعيمِ

وَقَد عَلِمَت أَنَّ الرِكابَ قَدِ اِشتَكَت

مَواقِعَ عُريانٍ مَكانَ كُلومِ

تُقاتِلُ عَنها الطَيرَ دونَ ظُهورِها

بِأَفواهِ شُدقٍ غَيرِ ذاتِ شُحومِ

أَضَرَّ بِهِنَّ البُعدُ مِن كُلِّ مَطلَبٍ

وَحاجاتُ زَجّالٍ ذَواتُ هُمومِ

وَكَم طَرَّحَت رَحلاً بِكُلِّ مَفازَةٍ

مِنَ الأَرضِ في دَوِّيَّةٍ وَحُزومِ

كَأَحقَبَ شَحّاجٍ بِغَمرَةِ قارِبٍ

بِليتَيهِ آثارٌ ذَواتُ كُدومِ

إِذا زَخَرَت قَيسٌ وَخِندِفُ وَاِلتَقى

صَميماهُما إِذ طاحَ كُلُّ صَميمِ

وَما أَحَدٌ مِن غَيرِهِم بِطَريقِهِم

مِنَ الناسِ إِلّا مِنهُمُ بِمُقيمِ

وَكَيفَ يَسيرُ الناسُ قَيسٌ وَرائَهُم

وَقَد سُدَّ ما قُدّامَهُم بِتَميمِ

سَيَلقى الَّذي يَلقى خُزَيمَةُ مِنهُمُ

لَهُم أُمُّ بَذّاخينَ غَيرَ عَقيمِ

هُما الأَطيَبانِ الأَكثَرانِ تَلاقَيا

إِلى حَسَبٍ عِندَ السَماءِ قَديمِ

فَمَن يَرَ غارَينا إِذا ما تَلاقَيا

يَكُن مَن يَرى طَودَيهِما كَأَميمِ

أَبَت خِندِفٌ إِلّا عُلُوّاً وَقَيسُها

إِذا فَخَرَ الأَقوامُ غَيرَ نُجومِ

وَنَحنُ فَضَلنا الناسَ في كُلِّ مَشهَدٍ

لَنا بِحَصىً عالٍ لَهُم وَحُلومِ

فَإِن يَكُ هَذا الناسُ حَلَّفَ بَينَهُم

عَلَينا لَهُم في الحَربِ كُلَّ غَشومِ

فَإِنّا وَإِيّاهُم كَعَبدٍ وَرَبِّهِ

إِذا فَرَّ مِنهُ رَدَّهُ بِرُغومِ

وَقَد عَلِمَ الداعي إِلى الحَربِ أَنَّني

بِجَمعِ عِظامِ الحَربِ غَيرُ سَؤومِ

إِذا مُضَرُ الحَمراءُ يَوماً تَعَطَّفَت

عَلَيَّ وَقَد دَقَّ اللِجامَ شَكيمي

أَبَوا أَن أَسومَ الناسَ إِلّا ظُلامَةً

وَكُنتُ اِبنَ ضِرغامِ العَدُوِّ ظَلومِ
  • أبيات شعر عن الأب
60 مشاهدة