محتويات
تشي جيفارا
تشي جيفارا، إحدى الشخصيّات المشهورة في تاريخِ البشريّة، إذ يرتبط اسمه بالثورة والنضال والشجاعة، وأصبحَ أيقونةً شبابيّة وقدوةً للشعوب المقهورة. فهو ثائرٌ يساريّ أرجنتينيّ، نشأ في كوبا عندما كانت خاضعةً للنظام الشيوعيّ، الذي ارتكبَ أبشع الجرائمِ الإنسانيّة لمدّة تزيد عن نصف قرن. ولذلك فقد شاركَ جيفارا في الثورة الكوبيّة، وقاتلَ في العديدِ من مناطقِ العالم، حتى قُتلَ على أيدي الجيش البوليفيّ.[١][٢]
النشأة
في عام 1928 في مدينة روساريو الأرجنتينيّة ولدَ إرنستو جيفارا دي لاسيرنا الملقّب " تشي جيفارا"، لوالده أرنستو ذي الأصول الإيرلنديّة، ووالدته سيليا ذات الأصول الإسبانيّة. كانت أسرة جيفارا من الطبقة المتوسطة، حيث انتقلوا للعيش في مدينة ألتا غراسيا الواقعة بالقرب من قرطبة وذلك عام 1932. عانى جيفارا منذ طفولته بمرض الرّبو الذي لازمه طوال حياته، وقد منعه الربو من متابعة دراسته في المدرسة حتى بلغ التاسعة من عمره.[٣][٢]
الدراسة
عندما وصل جيفارا للمرحلة الجامعيّة في عام 1948 كانَ قد عقدَ النيّة على دراسة الهندسة، ولكنّه توجه لدراسة الطبّ في جامعة بوينس آيرس في الأرجنتين، وتخرّج منها عام 1953. وقد عملَ بعد تخرّجه في العديد من الوظائف بدوامٍ جزئيّ، ومنها العمل في عيادة علاج الحساسيّة.[٣]
الرحلات
انطلق جيفارا عام 1950 في رحلةٍ على متن دراجةٍ ناريّةٍ حولَ شمال الأرجنتين، فقطع مسافة 4500 كيلومتر خلال هذه الرحلة. وفي عام 1951 قرّر عمل رحلة أخرى بالدراجة الناريّة إلى أمريكا الشماليّة، بصحبة صديقه ألبرتو غرانادو. وبعد تخرّجه ذهبَ في رحلة أخرى حولَ أمريكا اللاتينيّة.[٣]
الأفكار
تأثّر جيفارا بالفكر الماركسيّ، وبأفكار الزعيم الصينيّ الشيوعيّ ماو تسي تونغ، وقد ظهرَ ذلك بوضوح على معالم شخصيّته وأفكاره، وخاصةً على نظريته التي تتعلق بالثورة، فقد كان يعتقد أنّ الثورة يجب أن تنبعث من الجبال والأرياف، ثمّ تنطلق بعد ذلكَ إلى المدن. وقد حاول جيفارا تطبيق هذه النظرية في الثورة الكوبيّة.[٢]
محطات من حياة جيفارا
إنّ تجوّل جيفارا في المدنِ خلقَ فيه نوعاً من المقاومة والرغبة في نصرة المقهورين، وخصوصاً في غواتيمالا عام 1954، عندما شهد سقوط حكومة جاكوبو أربينز المنتخبة، وقد تزوّج جيفارا من هيلدا جاديا وهو في 26 من عمره، وأنجبا ابنتهما هيلدتا. وبعد خمس سنوات تزوّج من أليدا مارش، وأنجبا 4 أطفال.[٣] وفيما يلي أهم المراحل التي مرّ بها جيفارا خلال حياته:
الثورة الكوبيّة
انتقلَ جيفارا للمكسيك عام 1954، والتقى بمجموعة من الثوار الكوبيين المنفيين، فانضمّ للثورة الكوبيّة. وفي عام 1955 التقى بالزعيم الثوريّ الكوبيّ فيدل كاسترو، وخاضَ معه حرب العصابات التي دامت مدّة سنتين، والتي كانَ هدفها القضاء على الدكتاتور الكوبيّ فولغينسيو باتيستا. وبعد معاركَ ضاريةٍ مع الجيش الكوبيّ، والتي أدت إلى خسارة نصف عدد الثائرينَ المتحصّنين في جبال سيرامايسترا، دخل الثوار العاصمة الكوبيّة هافانا عام 1959، وقامَ جيفارا ومن معه من الثائرين بإسقاط حكم باتيستا، وبذلك نجحت الثورة الكوبيّة. وتولّى جيفارا بعد الثورة مجموعة من المناصب، فعمل سفيراً للهيئات الدوليّة الكبرى، ورئيساً للبنك المركزيّ في كوبا، ومسؤولاً عن التخطيط، ووزيراً للزراعة.[٤][٢]
جيفارا في إفريقيا
لم يكتفِ جيفارا بنجاحه في الثورة الكوبيّة، فأخذَ يعبّر عن دعمه لحركات التحررّ في الجزائرِ، وتشيلي وفيتنام. ولم يتوقف جيفارا عند ذلكَ، ففي عام 1965 قررَ أن يتوجّه لدولة الكونغو الإفريقيّة، بهدفِ تدريب القوّاتِ الشبابيّة من المتمردينَ في حربِ العصابات. ولكنّ جهوده لم تنجح فعادَ إلى كوبا سرّاً عام 1966.[٢][٤]
جيفارا في بوليفيا
توجّه جيفارا إلى بوليفيا متخفيّاً عام 1967، ليقودَ مجموعاتٍ من القوى المتمرّدة على حكومة رينيه باريينتوس. وهناك انفصلت مجموعة حرب العصابات من التيار الرئيسيّ، وفي مواجهة مع الجيش البوليفيّ، تمّ نصب كمين للمقاتلين المتبقين الذين يبلغ عددهم 17، وذلك من قبلِ الجيش بمساعدة الولايات المتحدة، حيث جُرحَ جيفارا وألقيَ القبضُ عليه وعلى من بقيَ معه من المقاتلين.[٣][٤]
كتابات جيفارا
كان تشي جيفارا كاتباً إلى جانبِ كونه ثوريّاً وطبيباً، فقد بدأ يكتب يوميّاته وهو في العشرينيّات من عمره، فنشرَ والده أوّل مذكرات له بعنوان " يوميّات دراجة ناريّة" والذي نُشرَ بعد وفاته باللغة الإسبانيّة، ثمّ نُشر بعد ذلك بالإنجليزيّة. وتضمّ هذه المذكرات رحلات جيفارا إلى الأرجنتين وأمريكا اللاتينيّة، وتبيّن مذكراته قلقه على النّاس الذين يعيشون تحت خطّ الفقر. وقد كتبَ جيفارا يوميّاته خلال الثورة الكوبيّة، ووضّح فيها قناعته بقدرة الشعب على الإطاحة بجيشٍ بأكمله، وتبيّن هذه المذكرات إنسانيّة جيفارا وحسّ الدعابة لديه. وبعد انتصاره في الثورة الكوبيّة كتبَ جيفارا كتاب حرب العصابات (بالإنجليزية: Guerrilla Warfare) الذي يقدّم فيه نصائح للحركات الثوريّة الشعبيّة، وحرب العصابات.[٥]
وعن فشله في الكونغو كتبَ جيفارا "الحلم الأفريقيّ"، وعن ثورته في بوليفيا كتبَ "يوميات بوليفيّ" الذي كانَ على شكلِ ملاحظاتٍ كان ينوي توسيعها لاحقاً، وقد وقعت هذه الكتابات بأيدي وكالة الاستخبارات الأمريكيّة التي كانت تنوي ترويجها بطريقة تسيء إلى جيفارا وحرب العصابات، فقامَ أحد أعضاء الحكومة البوليفيّة بتصوير الكتابات وإرسالها إلى كوبا، حيث نشرها كاسترو.[٥] وأحد أشهر اقتباسات جيفارا:" علّمني وطني بأنّ دماءَ الشهداء هي التي ترسم حدودَ الوطن".[٦]
وفاة جيفارا
عندما حوصرَ تشي جيفارا مع رفاقه في بوليفيا، كانَت قدما جيفارا قد أصيبَتا بجراحٍ غير مميتة، ولكنها لم تسمحَ له بالسير. فبقيَ في مكانهِ واستمرّ بالقتال حتّى دُمّرت فوّهة بندقيته، ونفدت ذخيرة مسدسه. فاعتقله الجيش، وتمّ نقله إلى بلدة لا هيجيرا، وهناك رفضَ جيفارا التحدث مع معتقليه. وقد اتفق مجموعة من القادة العسكريين على اغتيال جيفارا؛ حيث تمّ إطلاق النار عليه من قبل ضابطين، وتوفيَ جيفارا في اليوم التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1967، ودُفنَ في مكانٍ سريّ، حتى تمّ اكتشاف رفاته عام 1997، فأُعيد جمع الرفات ودفنه في كوبا.[٧][٤]
المراجع
- ↑ María C. Werlau (2011), Che Guevara's Forgotten Victims, Washington: Free Society Project Inc, Page 2. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "إرنستو تشي غيفارا"، www.aljazeera.net، 24-4-2013، اطّلع عليه بتاريخ 31-3-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج Che Guevara ,Aleida Guevara March ،Cintio Vitier (2003)، The Motorcycle Diaries, Australia: Ocean Press, Page 20،21،22. Edited.
- ^ أ ب ت ث "Che Guevara 1928-1967", BBC.com, Retrieved 31-3-2018. Edited.
- ^ أ ب Lucía Álvarez de Toledo (12-10-2010), "Reading Che Guevara in his own words", The Guardian, Page 1. Edited.
- ↑ "إرنستو غيفارا >Quotes "، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-3-2018. بتصرّف.
- ↑ أرنستو جيفارا، هشام خضر (2008)، مذكرات أرنستو تشي جيفارا (الطبعة الأولى)، الجيزة: مكتبة النافذة، صفحة 222. بتصرّف.