رفع الأعمال إلى الله
وكّل الله سبحانه وتعالى ملكين على يمين وشمال كلّ ابن آدم لكتابة أعماله كلها، الصالحة منها والطالحة، قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18]، وتتسم هذه الملائكة بالدقة في إحصاء الأعمال كلها مهما كبرت أو صغرت، مع تحديد زمانها ومكانها، كما أنها ترفع أعمال العبد إلى ربه في مواقيت محددة ورد ذكرها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ الله يعلم أعمال عباده في السر والعلن سواء دوّنتها الملائكة في صحائف أم لم تفعل، أما الحكمة في ذلك فتكمن في زجر المكلف عن القبائح بعد علمه أنّ أعماله ستُعرض على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، بالإضافة إلى أنّ وزن الأعمال غير ممكن، أما وزن الصحائف فممكن ليقيم الله الحجة الملموسة على الإنسان.
متى ترفع الأعمال إلى الله
حسب ما ورد في القرآن والسنة فإنّ أعمال العبد تُعرض على ربه يومياً وأسبوعياً وسنوياً أيضاً، أما اليوميّة فتُرفع مرتين، الأولى في النهار عن الليل، والثانية في الليل عن النهار، والأعمال الأسبوعية تُرفع يومي الإثنين والخميس لذلك يستحب الصيام فيهما، وتُرفع الأعمال السنوية في شهر شعبان، فقد روى أسامة بن زيد رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ) [حسن]، لذلك يكون العمل وقت الغفلة محبوباً من الله تعالى.
أما فيما يتعلق بجميع الأعمال فتكون عند انتهاء الأجل، حيث تنطوي صحيفة العبد وينقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية مثل أرض وقف يذهب رعيها للمحتاجين، أو بناء مشفى، أو علم يُنتفع به مثل أن يكون قد ألف كتباً مفيدة، أو اشتراها ووضعها في مكتبة، أو من الممكن أن يكون ولداً صالحاً يدعو له بعد مماته.
صحة رفع الأعمال إلى الله في يوم عرفة
تناقل كثيرون في الآونة الأخيرة حديث ينص على رفع أعمال العباد إلا المتخاصمين منهم إلى الله تعالى في يوم عرفة، لكن لم يثبت وجود أي حديث عن هذا الأمر، مع العلم أنّ الدعوة إلى ترك الخصام وصفاء القلوب قائمة في كلّ وقت، بالإضافة إلى أننا لا ننكر فضل يوم عرفة وأنّ الأعمال فيه أحب إلى الله من غيره من الأيام.