في ظل عصر الثورة الصناعية والنهضة التكنولوجية الحديثة ، وتسابق العلماء والمخترعين لتسجيل براءات الاختراعاتهم ، وتخاطف الجوائز العلمية العالمية ، كثُرت الأبحاث والتساؤلات حول اختراع آلة عرفت باسم ( آلة لورنز ) .
ولا أخفيكم تجربتي الشخصية ، في بحثي الدؤوب لمعرفة أي معلومات عن هذه الآلة ، أو ماهية خصائصها .
ونظراً لقلّة ، بل ولندرة المصادر التي تتحدث عن هذه الآلة ، ولضآلة المعلومات حولها ، تمكنت بعد جهد من الوصول إلى الآتي :
إن آلة لورنز هي أساس وأم الحواسيب العملاقة ، وآلات الرصد والتجسس والتشفير ( كريبتوغرافي ) وتعني «كربتو» إخفاء ، و «غرافي » تعني كتابة باللغة اليونانية أو إخفاء المعلومات .
استخدمت الشيفرات في المجالات العسكرية ، والاتفاقات الدولية ، وفي الحروب ، فقد اعتمدها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ضد هتلر ، فاستخدم الانكليز شيفرة «بلتشلي» ، ويعزى إليها الفضل في هزيمته وكسره ، ومن جهة أخرى اعتمد الألمان للغرض نفسه آلة ، وكانت تسمى حينها نسبة لمخترعها ( Tunny ) ، وهي عبارة عن آلة لكسر الشيفرات السرية ، التي اعتمدتها قيادات الجيش التابعة لهتلر ، وخاصة تلك المتعلقة بالمراسلات والمعلومات الحربية المشفرة ، وتفكيكها .
هذا ، وقد قام في عام 1942 م عالم الرياضيات بيل توت ( Bill Tutte ) ، بتفكيك الحواسيب المستعملة والعملاقة ، بالإضافة لآلة Tunny ، وأعاد بناءها وتصميمها من جديد ، فقد لجأ إلى تحليل شيفرات تطلق بإشارات لاسلكية ، أرسلها هتلر مشفرة وبذبذبات كهرو مغناطيسية ، إلى القيادة العليا في جيشه ، وكانت المعلومات فيها تشفر عبر آلة ( Lorenz SZ42 ) .
والجدير بالاهتمام والذكر ، أن Bill Tutte العالم الرياضي قد نجح في اختراقه وفكه لبرنامج تشفير Lorenz SZ42، على الرغم من عدم معرفته المسبقة بتلك الآلة ، ولا حتى كان قد تسنت له مشاهدتها ، مما أذهل الجميع ، وإلى يومنا هذا مازال يطرح هذا التساؤل .
وفي عام 2005 ، تم العمل على إعادة بنائها ، بعد العثور عليها في متحف الحواسيب القديمة من قبل ( جون بيثر ) و( جون وتر ) ، وهما هاويان ومهتمان بتجميع الحواسب القديمة العملاقة ، وكانت مهمتهما في غاية الصعوبة ، خصوصاً في ظل عدم العثور على أي مخططات لبناء هيكلية الآلة ، وكان مصدر المعلومات الوحيد والمتوفر آنذاك ، هو عناصر لدارات كهربائية بدائية محفوظة من الذاكرة ، بواسطة أحد المهندسين المصممين لها ، والذي عمل هو بنفسه على الآلة الأولى الأصلية .