كيفية صلاة الوتر

كتابة - آخر تحديث: الخميس ٢١ يوليو ٢٠١٩

معنى صلاة الوتر

  • الوتر لُغَةً: من وَتَرَ، والوتر: الفَرد، وتُلفَظُ وَتْر ووِتر بِالفَتح والكَسر، قََوْلُه إِذا استجمرت فأوتر: أي ليكُن عَددها وتراً، وَصَلَاة الْوتر من هَذَا لكَونهَا رَكْعَة أَو ثَلَاثة؛ فعددها فَرد. وَقَوله: وتأتي بمعنى نَقُصَ، يُقَال وَتَرتَه أَي نقصته وَقيل مَعْنَاهُ أَصَابَهُ مَا يُصِيب المَوتور، وتأتي بِمَعْنى يظلمك، يُقَال وَتَرَه إِذا ظلمه.[١]
  • الوتر في الاصطلاح: هي صلاةٌ مَخصوصةٌ في أوقاتٍ مَخصوصةٍ تُختَتَمُ بها صلاة اللّيل؛ سواء كان في أول اللّيل، أو وسطه، أو آخره، وتكون عدد ركعاتها فرديةً، ولذلك سُمِّيَت وِتراً.[٢]


كيفيّة صلاة الوتر

صلاةُ الوتر كغيرها من الصَّلوات، ولكنّها تختلف عن باقي الصّلوات بكونها فرديَّةً؛ فتُصلَّى بركعةٍ واحدةٍ أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو أحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعةً، ولهذا السَّبب فقد وُجِد لصلاة الوتر عدَّةُ كيفيّات بناءً على عدد الرَّكعات، ولمعرفة الكيفيّة بالتّفصيل لا بُدَّ من ذكر أقوال الفُقهاء بخصوص عدد ركعاتها.[٣]


عدد ركعات صلاة الوتر

اختلف العُلماء في عدد ركعات صلاة الوتر على النَّحو الآتي:

  • ذهب الحنفيّة إلى أنَّ عدد ركعات صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ تُصلّى كالمغرب بتسليمةٍ واحدةٍ، واحتجّوا على ذلك بما رُوِي عن ابن مسعود وابن عباس وعائشة -رضي الله عنهم- أنّهم قالوا: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث ركعات).[٤][٥]
  • ذهب المالكيّة إلى أنَّ الوتر ركعةٌ واحدةٌ لها شفع (صلاة زوجيّة) وأقلُّ الشّفع ركعتان، واستدلّوا على ذلك بقوله - عليه الصّلاة والسّلام-: (صلاة الليل مَثنى مَثنى، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلّى)؛[٦] فنصّ على أنّ الرّكعة تكون وتراً، واستدلوا كذلك بما روت عائشة أن النّبي - عليه الصّلاة والسّلام - (كان يُصلّي باللّيل إحدى عشرة ركعةً يُوتر منها بواحدة)،[٧] ويُروَى أنّ رجلاً سأل النّبي - عليه الصّلاة والسّلام - عن صلاة اللّيل فقال بإصبعه: (هكذا مَثنى مَثنى، والوتر ركعةٌ من آخر اللّيل).[٨][٩]
  • ذهب الشافعيّة إلى أنَّ أقلَّ عدد ركعات الوتر واحدةٌ، وأدنى الكمال ثلاث ركعاتٍ، ويجوز أن يُوتر بخمسٍ أو بسبعٍ أو بتسعٍ، وأكثرها إحدى عشرة ركعة، وقيل: ثلاث عشرة ركعة، ودليله ما رُوِي عن النّبي - عليه الصّلاة والسّلام - أنّه قال: (من شاء أوترَ بسبعٍ ومن شاء أوترَ بخمسٍ، ومن شاء أوترَ بثلاثٍ، ومن شاء أوترَ بواحدةٍ).[١٠][١١]
  • وقال الزهريّ: هي في رمضان ثلاث ركعات وفي غيره ركعة، وقال الحسن: أجمَعَ المُسلمون على أنّ الوِتر ثلاثُ ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ في آخِرِهِنّ؛ لأنّ الوتر من النّوافل، والنّوافل جاءت فرضيتها كتوابعَ للفرائض، فيجب أن يكون لها مثيلٌ منها، والرّكعة الواحدة ليس لها مثيلٌ في الصّلوات المفروضة.[٥]
  • ذهب الحنابلة إلى أنَّ أقلَّ الوتر ركعةً، ولا يُكره الإتيان بها مُنفردةً كما يقول الشافعيّة، وأكثرها إحدى عشرة ركعةً، وله أن يُوتر بثلاث، وهو أقلّ الكمال، وبخمس، وبسبع، وبتسع.[١٢]


كيف تُصَلّى الوتر

بناءً على ما سَلَف ذكرُهُ من خلافٍ بين الفُقهاء في عددِ ركعات صلاة الوتر فقد نتج لها عِدَّةُ كَيفيَّاتٍ هي:[١٣]

  • أن يُصلِّي إحدى عشرة ركعةً يفصل بين كلّ ركعتين منهما بتشهُّدٍ وسلام، ثمَّ يأتي بركعةٍ ويُسلِّم، وهذه الصّورة قال بها المالكيّة والشافعيّة والحنابلة.
  • أن يُصلِّي ثلاث عشرة ركعةً يُسلّم بين كلّ ركعتين ثمَّ يوتِر بواحدةٍ ويُسلِّم، وهذه الصّورة أيضاً قال بها المالكيّة والشافعيّة والحنابلة.
  • أن يُصلِّي ثلاث عشرة ركعةً يُسلّم بين كلّ ركعتين حتّى الثّامنة، ثُم يُصلّي خمس ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدة، وقال بهذه الصّورة المالكيّة والحنابلة.
  • أن يأتي بتسع رَكعاتٍ لا يجلسُ بينهنّ إلا في الثّامنة، وفي الثّامنة يتشهَّدُ، ثم يأتي بالتّاسعة ويُسلِّم.
  • أن يأتي بسبع رَكعاتٍ لا يجلسُ بينهنّ إلا في آخر ركعةٍ ثم يُسلِّم.
  • أن يُصلّي سبع رَكعاتٍ لا يجلسُ بينهنّ إلا في الرَّكعة السَّادسة يتشهَّدُ فيها، ثم يقوم للسّابعة وينتهي بها بعد التشهّد.
  • أن يُصلّي خمس ركعاتٍ بتشهيدةٍ واحدةٍ وسلامٍ واحد.
  • أن يُصلّي ثلاث ركعات يفصل بينهما بسلامٍ بعد ركعتَي الشّفع ثمَّ يأتي بواحدة يتشهّد فيها ويُسلِّم. وقد اتَّفق الفُقهاء على هذه الصّورة باستثناء الحنفيّة.
  • أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ وتَشَهُّدٍ واحدٍ، وهذه الصّورة هي الوحيدة عند الحنفيّة، وقيل أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ بتشهُّدين وسلامٍ واحد كصلاة المغرب.
  • أن يُصلّي ركعةً واحدةً مُنفردةً، وقد أجاز ذلك الشافعيّ مع الكراهة، وأجازها الحنابلة دون كراهة، وقد مرَّ بيان ذلك كلِّه.


حُكم صلاة الوتر

اختلف الفُقهاء في حُكم صلاة الوتر على النّحو الآتي:

  • ذهب أبو حنيفة وزُفَر إلى وجوب صلاة الوتر: والواجب عند أبي حنيفة يقع عنده بمنزلةٍ أدنى من الفرض، فالفرض عنده ما ثبت بدليلٍ قطعيّ الثّبوت، والواجب ما ثبت بدليلٍ ظَنّي الثّبوت، ودليله قول الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- : (إنَّ اللهَ تعالى زادكم صلاةً وهي الوترُ، فصلوها فيما بين صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الصبحِ).[١٤][١٥]
  • ذهب المالكيّة والشَافعيّة وسفيان الثوريّ والأوزاعيّ وصاحبا أبي حنيفة محمد وأبو يوسف إلى أنّ صلاة الوتر سُنّةً، وليست واجبةً ولا فرضاً.[١٦]


وقت صلاة الوتر

وقت الأداء

أمّا وقت أدائها فقد أجمع العُلماء أنّ ابتداءه يكون بعد صلاة العِشاء مُباشرةً، وأنّه ينتهي بطلوع الفجر الثّاني (الفجر الصّادق).[١٧]


وقت القضاء

اختلف الفُقهاء فيما لو ترك صلاة الوتر: هل يقضيها أم يتركها؟ وبيان ما ذهبوا إليه فيما يأتي:[١٨]

  • ذهب الحنفيّة إلى أنَّ من لم يُصَلِّ الوتر في وقتها الذي ذُكِر سابقاً، فقد وَجَبَ عليه القضاء سواءً كان تركه لها عمداً أم نِسياناً، حتى إن طالت المُدّة، فإن صَلَّى الفجر وهو ذاكرٌ أنّه لم يُصلِّ الوتر دون أن يَقضيها فصلاة الفجر فاسدةٌ عنده؛ لوجوب التّرتيب بين الوتر والفريضة.
  • ذهب الإمام مالك إلى أنّه يُصلّي قبل صَلاة الفجر، فَإن لم يفعل حتّى طَلَعت الشّمس فلا قَضاءَ عليه.
  • ذهب الشافعيّة إلى أنَّ من نَسِيَ الوتر حتّى صَلّى الصُّبحَ أنّه لا يُعيد.
  • ذهب الأوزاعيّ إلى أنّه إن ترك الوتر فإنّه يقضيه متى ذكره في يومه حتّى يُصلّي عشاءَ اليوم التّالي؛ فإن لم يذكره حتّى صلّى العشاء فلا قضاء عليه بعد طلوع الفجر.
  • ذهب سُفيان الثوريّ إلى أنّه إذا طلعت الشّمس فإنه بالخيار، فإن شاء قَضاها وإن شاء لَم يَقضِها.


المراجع

  1. عياض بن موسى اليحصبي السبتي، مشارق الأنوار على صحاح الآثار، تونس: المكتبة العتيقة، صفحة 278، جزء 2. بتصرّف.
  2. أبو عبد الرحمن عبد الله البسام التميمي (2003)، توضيح الأحكام من بلوغ المرام (الطبعة الخامسة)، مكة المكرمة: مطبعة الأسدي، صفحة 427، جزء 2. بتصرّف.
  3. "كيفية صلاة الوتر"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2016. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن الدارقطني، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 1659، صحيح.
  5. ^ أ ب علاء الدين أبو بكر الكاساني (1986م)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 271-272، جزء 1. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 736، صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 1421، صحيح.
  9. القاضي أبو محمد عبد الوهاب البغدادي (1999)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 289، جزء 1. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1712،إسناده صحيح.
  11. أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي (1983)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 225-226، جزء 2. بتصرّف.
  12. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 306، جزء 1.
  13. سعيد بن علي بن وهف القحطاني (2010)، صلاة المؤمن (الطبعة الرابعة)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 430-434، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الزيلعي، في نصب الراية، عن أبو بصرة الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2/110، له طريقان آخران.
  15. محمد بن محمد أكمل الدين أبو عبد الله ابن الشيخ شمس الدين الرومي البابرتي، العناية شرح الهداية، بيروت: دار الفكر، صفحة 423-424، جزء 1. بتصرّف.
  16. أبو الحسين يحيى العمراني (2000)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 265، جزء 2. بتصرّف.
  17. أ. د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة الرابعة)، سورية: دار الفكر، صفحة 1010، جزء 2. بتصرّف.
  18. أبو جعفر أحمد بن محمد الأزدي (1417)، مختصر اختلاف العلماء، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 284-285، جزء 1. بتصرّف.
  • كيفية قيام الليلكيفية قيام الليل
178 مشاهدة