كيفية تنظيم الوقت

كتابة - آخر تحديث: السبت ٢١ يوليو ٢٠١٩

مفهوم الوقت

تعني كلمة الوقت في معاجم اللغة بأنها مِقدارٌ من الزمان قُدِّر لأَمرِ مَّا،[١] ويُعرَّف الوقت بأنّه من المتغيِّرات الخارجيَّة التي لا تخضع لسلطة أو مالٍ أو قوَّة وقدرة؛ إذ تعجز كلّ القوى والسلطات عن السيطرة عليه وتقديمه أو تأخيره وإعادته أو تعويضه وزيادته، وهذا الجمود في العنصر النَّفيس يجعله من أبرز مؤشرات تقييم النجاح والإنجاز، ويرفع أهميَّته عند الآدميين إلى حدودٍ لا يمكن أن تُنافس، فلا ادِّخار فيه ولا إرجاع ولا تعويض، إنَّما فيه تنافسٌ في الاستثمار والتنظيم والإدارة والتقليل من الهدر المُعدمِ والتفريطِ المجاني، فهو من أهمِّ الموارد التي تقبل الإدارة وينبغي أن تُدارَ أولاً وقبل كلِّ شيء.[٢]


كيفية تنظيم الوقت

يشترك النّاس جميعهم بتعدّد المهام والواجبات اليوميَّة وكثرة الأعمال وتنوّعها، كما يشتركون أيضاً في قلّة الوقت المُتاح لإنجاز جميع الأعمال وعدم كفاية الساعات والأيام لتنفيذ ما عليهم تنفيذه، ويُضاف إلى ذلك اشتراكهم جميعاً بذات القيمة المتوفّرة من المساحات الزمنيَّة أو الوقت الذي هو في الواقع مجرُّد أربعٍ وعشرين ساعة يوميَّة لا تكفي كما يراها الجميعُ للتخطيط للمستقبل، ورعاية الأبناء، ومتابعة شؤون الأسرة، وتنفيذ الأعمال الوظيفيَّة أو التفرُّغ للذات، وتبرز في خِضمِّ هذه التداخلات حاجة ماسَّة للتعامل مع الوقت المتاح بصورةٍ مُثلى تجعل من تحقيق كلّ المطلوبات اليوميَّة أمراً سهلاً وممكناً في إطارٍ إداريٍّ يُمكن تسميته مهارة إدارة وتنظيم الوقت.[٣]


إنَّ عمليَّة تنظيم الوقت هي عملية تطويع فعلي لمادة الوقت الخام؛ حتّى تصبح أكثر مرونة وأوسع إنجازاً بما يضمن استثمارها بأفضل ما يمكن وصولاً لتحقيق الأهداف والأعمال والنجاح في تحقيق المساعي والمتطلبات، ويمكن تحديد خطوات تنظيم وإدارة الوقت ضمن نطاق منظّم ودستور بسيط يُسهِّل عمليَّة التعامل مع الوقت وتطويعه وفقاً للآتي: [٤]

  • تحديد الرؤية والرسالة الشخصيَّة: يعني ذلك أن يستشعر الإنسان رسالته التي يحيا من أجلها، ويمنحها اهتمامه وعنايته وينقلها من حيز التفكير المجرّد إلى مساحة التخطيط والتنفيذ ضمن مساحةٍ معيَّنة من الوقت؛ حيث إن التحرّك المقترن برسالة وهدف واضحين يصبح موجهاً ومحكوماً بمعجزة الإيمان الداخلي التي تذلل الصعاب، وتُشعل في النّفس روح المثابرة والسعي فيبدأ الإنجاز مقروناً بمدى زمني محدد يتناسب مع طبيعة الهدف والرسالة والقيمة المتكونة لهما في نفس الفرد.
  • موازنة الأدوار الحياتيَّة: يعيش النّاس أدواراً حياتيَّةً مختلفةً يومياً ومتغيرة بتغيُّر ظروف الزَّمان والمكان، ويتلازم كل دورٍ من أدوار الحياة بأنماط معينة من الشخصيَّة تتناسب مع الدور وتدعمه، فالأب في بيته وأسرته يتمتع بشخصيَّةٍ تختلف كلياً عنه ذاته كمديرٍ أو قائدٍ أو بائع أو غير ذلك مع وجود التداخلات بين الشخصيَّات العديدة باختلاف الدَّور بما يضمن نضج الشخصيَّة الكلية وتكاملها، وتظهر أهميَّة هذه الموازنة في تكييف الإنسان لدوره وبيئته ومنجزاته ضمن الفترات الزمنيَّة التي يعيشها في كلِّ جزءٍ أو وقتٍ من يومه لاستثماره بأفضل ما يمكن.
  • تحديد الأهداف: إنَّ من أبرز صفات الهدف النَّاجح أن يكون مقروناً ومرتبطاً بمساحةٍ زمنيَّة وخطَّة متلازمةٍ بالوقت تضمن تحقيق الهدف في وقتٍ واضحٍ ومحدد ومنضبط.
  • ترتيب الأولويات: هي معرفة الفرد قيمة المهام والواجبات التي ينبغي عليه أداؤها أو المرتبطة معه بصورةٍ يوميَّة أو دوريَّة، ويفيد ذلك في القدرة على إدارة المهام وترتيبها بالأولويَّة وأحقيَّة الأداء والتنفيذ لتصبح مقرونةً بالوقت الأنسب لأدائها؛ عن طريق وضع خطة يوميّة أو أسبوعيّة أو شهريَّة أو سنويَّة بما يضمن استثمار الوقت بالصورة المثلى دون إضاعته أو هدره، ودون تضييع مهام أو مسؤوليات على حساب أعمال أخرى أقل أهمية.
  • تقييم الأداء وتقويمه: تبدأ عملية التقييم بمراجعة الخطط المرسومة مسبقاً لاستثمار الوقت واستغلاله دون هدرٍ أو ضياع، ويتضمن ذلك التخطيط لكلِّ ساعةٍ متاحةٍ على مستوى اليوم الواحد ولكلِّ يومٍ على مستوى الأسبوع أو الشهر أو السنة، وتطويع الأوقات لإنجاز المهام المهمة والضروريَّة أولاً بناءً على ما تمَّ قياسه وتنظيمه من خلال سلم الأولويات، وتحديد الوقت اللازم لأداء كلّ مهمة دون مداهنة أو هدرٍ زيادةً على ما تحتاجه كلّ مهمَّة ثمَّ مراقبة البدايات، والانطلاقات، ومستوى الأداء، وتحقيق الأهداف بناءً على الخُطط المقدمة ثم تقييم ذلك كله مجتمعاً والتعرُّف إلى مضيِّعات الوقت وتنظيمها أو تجنّبها في الخُطط الجديدة والمنجزات المستمرة.


أهميَّة الوقت

يُعدّ الوقت من الأمور المهمَّة والقيّمة التي تهمُّ جميع النَّاس على اختلاف أماكنهم وأعمالهم وانتماءاتهم ومستوياتهم ووظائفهم؛ إذ هو من أثمن ممتلكات الحياة وأعظمها قيمة وضرورة، وهو المُتَّسع والمساحة الزَّمنيَّة التي من خلالها تُقضى الأمور وتُنجز الأعمال وتُدبَّر الاحتياجات واللوازم، ولا يوجد شيء من أمور الحياة ومقتضياتها إلا وله صلةٌ ورابط بالوقت على اختلاف أهميَّته وأولويَّته وتصنيفه، ويكتسب الوقت قُدسيَّته من خلال ارتباطه العظيم باتِّفاقاتِ النَّاس وتواعدهم وتعاقدهم وحاجتهم له كمحددٍ زمنيِّ يُنفِذ الأمور ويقضي المصالح، والمعلوم في أصل الوقت ومادته أنَّه قيمة لا يمكن تعويضها مهما بذل الإنسان في ذلك، فإذا ذهب وقت الإنسان انقضى من عمره بمقدار ما فات من وقته، ومهما بذل الفرد في إدارة وقته وجاهَد في استخدامه والحرص عليه فلن يستطيع السيطرة عليه على وجه التمام، ولا يملك أيّ إنسان تحييد المضيِّعات والمشتّتات مهما بلغ من الحرص والقدرة، غير أنَّ تنظيم ذلك متفاوت بين النَّاس ومختلف باختلاف نظراتهم للضرورات والأولويات والمهمِّ والأهم.[٤]



المراجع

  1. "معنى كلمة وقت"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2017.
  2. إبراهيم ربابعة، مهارة إدارة الوقت، الرياض: شبكة الألوكة، صفحة 1-3.
  3. طارق سويدان، محمد العدلوني (2004)، فن إدارة الوقت (الطبعة الثانية)، الرياض: قرطبة للنشر والتوزيع، صفحة 15 - 17. بتصرّف.
  4. ^ أ ب علي الشحود، الوقت وأهميته في حياة المسلم، السعودية: جامعة المدينة العالمية، صفحة 9-11، 72-78.
  • بداية مشروع صغير ناجح
132 مشاهدة