شعر غزل
لا تحارب بناظريك فؤادي
فضعيفان يغلبان قويّاً
إذا ما رأت عينيّ جمالك مقبلاً
وحقّك يا روحي سكرت بلا شرب
كتب الدّمع بخدّي عهدِه
للهوى والشّوق يملي ما كتب
أحبّك حُبّين حبّ الهوى
وحبّاً لأنّك أهل لذاك
رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً
ولم أرَ بدراً قطّ يمشي على الأرض
قالوا الفراق غداً لا شكّ، قلت لهم
بل موت نفسي من قبل الفراق غداً
قفي ودعينا قبل وشك التفرّق
فما أنا من يحيا إلى حين نلتقي.
عذّبيني بكلّ شيء
عذّبيني بكلّ شيء سوى
الصدّ فما ذقت كالصّدود عذاباً
وقد قادت فؤادي في هواها
وطاع لها الفؤاد وما عصاها
خضعت لها في الحبّ من بعد عزّتي
وكلّ محبٍّ للأحبّة خاضع
ولقد عهدت النّار شيمتها الهدى
و بنار خدّيك كل قلبٍ حائر
عذّبي ما شئت قلبي، عذّبي
فعذاب الحبّ أسمى مطلبي
بعضي بنار الهجر مات حريقاً
والبعض أضحى بالدّموع غريقاً
قتل الورد نفسه حسداً منك
وألقى دماه في وجنتيك
اعتيادي على غيابك صعب
واعتيادي على حضورك أصعب
قد تسرّبت في مسامات جلدي
مثلما قطرة النّدى تتسرّب
لك عندي وإن تناسيت عهد
في صميم القلب غير نكيت
أغرّك منّي أن حبّك قاتلي
وأنّك مهما تأمري القلب يفعل
يهواك ما عشت القلب فإن أمت
يتبع صداي صداك في الأقبر
أنت النّعيم لقلبي والعذاب له
فما أمرّك في قلبي وأحلاك
وما عجبي موت المحبّين في الهوى
ولكنّ بقاء العاشقين عجيب
لقد دبّ الهوى لك في فؤادي
دبيب دم الحياة إلى عروقي
خَليلَيَ فيما عشتما هل رأيتما
قتيلاً بكى من حبّ قاتله قبلي
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم
ولا رضيت سواكم في الهوى بدلا ً
فيا ليت هذا الحبّ يعشق مرّةً
فيعلم ما يلقى المحبّ من الهجر
عيناكِ نازلتا القلوب فكلّها
إمّا جريحٌ أو مصاب المقتلِ
وإنّي لأهوى النّوم في غير حينه
لعلّ لقاءً في المنام يكون
ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشقٌ
ولكن عزيز العاشقين ذليل
نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل
من عاشقٍ كلف الفؤاد متيّمِ
يُهْدِي السّلامَ إلَى المَلِيحَة ِ كُلْثُمِ
ويبوحُ بِالسِّرِّ المصونِ، وبالهَوَى
يُدْري، لِيُعلمهَا بِمَا لَمْ تَعْلَمِ
كي لا تشكّ على التجنّبِ أنّها
عندي بمنزلة المحبِّ المكرم
أخذتْ من القلبِ العميد بقوة ٍ
ومنَ الوصالِ بمتْن حبلٍ مبرمِ
وتمكَّنَتْ في النَّفْسِ، حيثُ تَمكَّنت
نفسُ المحبّ من الحبيبِ المغرم
ولقد قرأتُ كتابها، ففهمتهُ
لو كانَ غيرَ كتابها لم أفهم
عجمتْ عَلَيْهِ بِكَفِّها، وَبَنانِها
مِنْ مَاءِ مُقْلَتِها بِغَيْرِ المُعْجَمِ
ومشَى الرَّسولُ بحاجَةٍ مكتُومةٍ
لوْلا ملاحَة بعْضِها لَمْ تُكْتمِ
في غَفْلَةٍ ممَّنْ نحاذرُ قوْلهُ
وسوادِ ليلٍ ذي دواجٍ، مظلم
ديني وَدِينُكِ يا كُلَيْثِمُ واحدٌ
نرْفضْ وَقيْتُكِ دِيننا أَوْ نُسْلم.
مخطط لاختطاف امرأة أحبّها
فكلُ السّنوات تبدأ بكِ
وتنتهي فيكِ
سأكونُ مُضحِكاً لو فعلتُ ذلك
لأنّكِ تسكنينَ الزمنَ كلَّهْ
وتسيطرينَ على مداخل الوقتْ
إنَّ ولائي لكِ لم يتغيَّرْ
كنتِ سلطانتي في العام الذي مضى
وستبقين سلطانتي في العام الذي سيأتي
ولا أفكّرُ في إقصائِكِ عن السُلْطَهْ
فأنا مقتنعٌ
بعدالة الّلون الأسود في عينيكِ الواسعتينْ
وبطريقتكِ البَدَويَّةِ في ممارسة الحُبّ
ولا أجدُ ضرورةً للصراخ بنَبْرَةٍ مسرحيَّة
فالمُسمَّى لا يحتاجُ إلى تَسْمِيَهة
والمُؤكَّدُ لا يحتاجُ إلى تأكيدْ
إنّني لا أؤمنُ بجدوى الفنِّ الاستعراضيّْ
ولا يعنيني أن أجعلَ قصّتنا
مادة للعلاقات العامّة
سأكونُ غبيّاً
لو وقفتُ فوق حَجَرٍ
أو فوقَ غيمَة
وكشفتُ جميعَ أوراقي
فهذا لا يضيفُ إلى عينيْكِ بُعْداً ثالثاً
ولا يُضيف إلى جُنُوني دليلاً جديداً
إنني أُفضِّلُ أن أسْتَبْقيكِ في جَسَدي
طفلاً مستحيلَ الولادَة
وطعنةً سِريّة لا يشعُرُ بها أحدٌ غيري
لا تبحثي عنّي ليلةَ رأسِ السَنَة
فلن أكونَ معكِ
ولن أكونَ في أيِّ مكانْ
إنّني لا أشعرُ بالرغبة في الموت مشنوقاً
في أحدِ مطاعم الدّرجة الأُولى
حيثُ الحبُّ طَبَقٌ من الحساء البارد لا يقربُهُ أَحَدْ
وحيثُ الأغبياءُ يوصونَ على ابتساماتهم
قَبْلَ شهرينِ من تاريخ التّسليمْ
لا تنتظريني في القاعات التي تنتحرُ بموسيقى الجازْ
فليس باستطاعتي الدخولُ في هذا الفرح الكيميائيّْ
حيثُ النبيذُ هو الحاكمُ بأمرهْ
والطبلُ هو سيِّدُ المتكلِّمينْ
فلقد شُفيتُ من الحماقات التي كانتْ تنتابني كلَّ عام
وأعلنتُ لكلِّ السيداتِ المتحفّزاتِ للرقصِ معي
أنَّ جسدي لم يَعُدْ معروضاً للإيجارْ
وأنَّ فمي ليس جمعيَّة
تُوَزِّعُ على الجميلات أكياسَ الغَزَل المُصْطَنعْ
والمجاملاتِ الفارغَة
إنّني لم أعُدْ قادراً على ممارسة الكَذِب الأبيض
وتقديمِ المزيد من التنازلاتِ اللغويَّة
والعاطفيَّة
اقبلي اعتذاري يا سيّدتي
فهذه ليلةُ تأميم العواطفْ
وأنا أرفضُ تأميمَ حبّي لكِ
أرفضُ أن أتخلَّى عن أسراري الصغيرَة
لأجعلَكِ مُلْصَقاً على حائطْ
فهذه ليلةُ الوجوهِ المتشابهة
والتفاهاتِ المتشابِهَة
ولا تُشبهينَ إلا الشِّعْرْ
لن أكونَ معكِ هذه الليلَة
ولن أكونَ في أيِّ مكانْ
فقد اشتريتُ مراكبَ ذاتَ أَشْرعةٍ بَنَفسجِيَّة
وقطاراتٍ لا تتوقَّف إلاّ في محطّة عينيكِ
وطائراتٍ من الوَرَقِ تطير بقوّة الحُبِّ وحدَهْ
واشتريتُ وَرَقاً وأقلاماً ملوَّنة
وقرَّرتُ أن أسهَر مع طفولتي
ولا تُشبهينَ إلا الشِّعْر.
أحبك أحبك وهذا توقيعي
-نزار قبّاني.
هل عندك شكٌ أنّك أحلى امرأةٍ في الدّنيا؟
وأهمّ امرأةٍ في الدّنيا؟
هل عندك شكّ أنّي حين عثرت عليك..
ملكت مفاتيح الدّنيا ؟
هل عندك شكّ أنّي حين لمست يديك
تغيّر تكوين الدّنيا ؟
هل عندك شكّ أنّ دخولك في قلبي
هو أعظم يومٍ في التّاريخ..
وأجمل خبرٍ في الدّنيا ؟
هل عندك شكّ في من أنت ؟
يا من تحتلّ بعينيها أجزاء الوقت
يا امرأةً تكسر، حين تمرّ، جدار الصّوت
لا أدري ماذا يحدث لي ؟
فكأن~ك أنثاي الأولى
وكأنّي قبلك ما أحببت
وكأنّي ما مارست الحبّ .. ولا قبَّلتُ ولا قُبّلت
ميلادي أنت.. وقبلك لا أتذكر أنّي كنت
وغطائي أنت.. وقبل حنانك لا أتذكّر أنّي عشت..
وكأنّي أيّتها الملكه..
من بطنك كالعصفور خرجت..
هل عندك شكّ أنّك جزءٌ من ذاتي
وبأنّي من عينيك سرقت النّار..
وقمت بأخطر ثوراتي
أيّتها الوردة.. والياقوتة.. والرّيحانة..
والسّلطانة..
والشّعبية..
والشّرعية بين جميع الملكات..
يا سمكاً يسبح في ماء حياتي
يا قمراً يطلع كل مساءٍ من نافذة الكلمات
يا أعظم فتحٍ بين جميع فتوحاتي
يا آخر وطنٍ أولد فيه
وأدفن فيه
وأنشر فيه كتاباتي..
يا امرأة الدّهشة.. يا امرأتي
لا أدري كيف رماني الموج على قدميك
لا ادري كيف مشيت إليّ
وكيف مشيت إليك..
يا من تتزاحم كلّ طيور البحر..
لكي تستوطن في نهديك..
كم كان كبيراً حظّي حين عثرت عليك..
يا امرأةً تدخل في تركيب الشّعر
دافئةٌ أنت كرمل البحر
رائعةٌ أنت كليلة قدر
من يوم طرقت الباب عليّ.. ابتدأ العمر
كم صار جميلاً شعري
حين تثقّف بين يديك
كم صرت غنيّاً.. وقويّاً
لما أهداك الله إليّ
هل عندك شكّ أنك قبسٌ من عينيّ
ويداك هما استمرارٌ ضوئيّ ليديّ
هل عندك شكّ
أنّ كلامك يخرج من شفتيّ ؟
هل عندك شكّ
أنّي فيك.. وأنّك فيّ ؟؟
يا ناراً تجتاح كياني
يا ثمراً يملأ أغصاني
يا جسداً يقطع مثل السّيف،
ويضرب مثل البركان
يا نهداً.. يعبق مثل حقول التّبغ
ويركض نحوي كحصان..
قولي لي:
كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطّوفان..
قولي لي :
ماذا أفعل فيك ؟ أنا في حالة إدمان
قولي لي ما الحل ؟ فأشواقي
وصلت لحدود الهذيان ..
يا ذات الأنف الإغريقيّ..
وذات الشّعر الإسبانيّ
يا امرأةً لا تتكرّر في آلاف الأزمان ..
يا امرأةً ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني
من أين أتيت ؟ وكيف أتيت ؟
وكيف عصفت بوجداني ؟
يا إحدى نعم الله عليّ
وغيمة حبّ وحنانٍ
يا أغلى لؤلؤةٍ بيديّ
آهٍ.. كم ربّي أعطاني..
أحبّك
-نزار قبّاني.
أحبّك.. حتّى يتمّ انطفائي
بعينين، مثل اتّساع السّماء
إلى أن أغيب وريداً.. وريداً
بأعماق منجدلٍ كستنائيّ
إلى أن أحسّ بأنّك بعضي
وبعض ظنوني.. وبعض دمائي
أحبّك .. غيبوبةً لا تفيق
أنا عطشٌ يستحيل ارتوائي
أنا جعدةٌ في مطاوي قميصٍ
عرفت بنفضاته كبريائي
أنا – عفو عينيك – أنت. كلانا
ربيع الرّبيع.. عطاء العطاء
أحبّك.. لا تسألي أيّ دعوى
جرحت الشّموس أنا بادعائي
إذا ما أحبّك.. نفسي أحبُّ
فنحن الغناء.. ورجع الغناء..
أشهد أن لا امرأةً إلا أنتِ
-نزار قبّاني.
أشهد أن لا امرأةً
أتقنت اللعبة إلا أنتِ
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملتِ
واصطبرت على جنوني مثلما صبرتِ
وقلّمت أظافري
ورتّبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
تشبهني كصورةٍ زيتيّةٍ
في الفكر والسّلوك إلا أنتِ
والعقل والجنون إلا أنتِ
والملل السّريع
والتّعلق السّريع
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذتِ
واستعمرتني مثلما فعلتِ
وحرّرتني مثلما فعلتِ
أشهد أن لا امرأةً
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنتِ..
وقدّمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
كانت معي كريمةً كالبحر
راقيةً كالشّعر
ودللّتني مثلما فعلتِ
وأفسدتني مثلما فعلتِ
أشهد أن لا امرأةً
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين.. إلا أنتِ
أشهد أن لا امرأةً
تقدرأن تقول أنّها النّساء.. إلا أنتِ
وأنّ في سرّتها
مركز هذا الكون
أشهد أن لا امرأةً
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنتِ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثّلجي
إلا أنتِ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصّيفي
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
اختصرت بكلمتين قصّة الأنوثة
وحرّضت رجولتي عليّ
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
توقّف الزّمان عند نهدها الأيمن
إلا أنتِ..
وقامت الثّورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
قد غيّرت شرائع العالم إلا أنتِ
وغيّرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنتِ..
أشهد أن لا امرأةً
تجتاحني في لحظات العشق كالزّلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهد أن لا امرأةً
تحتلّ نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
ورداً دمشقيّاً
ونعناعاً
وبرتقالاً
يا امرأةً
اترك تحت شعرها أسئلتي
ولم تجب يوماً على سؤال
يا امرأةً هي اللغات كلها
لكنّها
تلمس بالذّهن ولا تقال
أيّتها البحريّة العينين
والشّمعية اليدين
والرّائعة الحضور
أيّتها البيضاء كالفضّة
والملساء كالبلور
أشهد أن لا امرأةً
على محيط خصرها.. تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور
أشهد أن لا امرأةً.. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربّى أوّل الذّكور
وآخر الذّكور
أيّتها اللماحة الشّفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشّهية البهيّة
الدّائمة الطفولة
أشهد أن لا امرأةً
تحرّرت من حكم أهل الكهف إلا أنتِ
وكسرت أصنامهم
وبدّدت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنتِ
أشهد أن لا امرأةً
استقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبّي لها
خلاصة الفضيلة
أشهد أن لا امرأةً
جاءت تماماً مثلما انتظرت
وجاء طول شعرها أطول ممّا شئت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقاً لكل ما خطّطت أو رسمت
أشهد أن لا امرأةً
تخرج من سحب الدّخان.. إن دخّنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري.. إذا فكّرت
يا امرأةً..كتبت عنها كتباً بحالها
لكنّها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبتُ
أشهد أن لا امرأةً
مارست الحبّ معي بمنتهى الحضاره
وأخرجتني من غبار العالم الثّالث
إلا أنتِ
أشهد أن لا امرأةً
قبلك حلّت عقدي
وثقّفت لي جسدي
وحاورته مثلما تحاور القيثاره
أشهد أن لا امرأةً
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..