الزّواج
شرع الله سبحانه وتعالى الزواج لبقاء النّسل، وتكاثر الأفراد، من أجل استمرار وظيفة الإنسان الأساسيّة التي خُلق من أجلها، ألا وهي الخلافة على هذه الأرض، ويُسمّى الزواج أيضًا بالنكاح؛ ويعني شرعًا ارتباطٌ بين ذكرٍ وأنثى تحلّ له من خلال عقدٍ بينهما يتمّ بموافقة الطّرفين، وحسب أحكام الشرع، وقد ضمن الإسلام للزّوجين حقوقهما بعد إمضاء عقد زواجهما، وأوجب عليهما حُسن المُعاشرة والخلطة، وطِيب الخُلُق، وأدب المُعاملة فيما بينهما في الاستمتاع البدنيّ، وجعل ذلك من الصدقة التي يؤجر عليها صاحبُها، لأنّ المرء إذا أتى شهوته في حرامٍ كان عليه وِزر، أمّا إذا وضعها في حلال فإنّ له بها أجرًا، فالزواج يُعتبر من المُباحات التي يتقرّب بها الزوجان إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه مُعين لهما على العفّة.
مشروعية الزواج
حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج لكلّ شخصٍ قادرٍ عليه؛ لأنّه سبيلٌ للعفّة، وغضّ البصر، وتحصين الفرج، وبيّن عليه الصلاة والسلام أنّ الرّهبانية والانقطاع عن الزواج بقصد التفرُّغ للعبادة ليس من ديننا في شيء، فقد رُوي أنّ ثلاثة من الرجال في عهد الرسول الكريم قال أحدهم: لا أتزوج النساء، وقال آخر: أصلي ولا أنام، وقال الثالث: أصوم ولا أفطر، فبلغ خبرُهم النبيَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنامُ. وأصوم وأفطرُ. وأتزوَّج النساءَ. فمن رغب عن سُنَّتي فليس مِنِّي) [صحيح مسلم] وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلّم كلّ من لا يستطيع الزواج أن يصوم، فيكون صومه وقاية له من الوقوع في الحرام.
الحِكمة من الزّواج
- استمرار النّسل: السّبيل الوحيد السّليم للحفاظ على النوع الإنساني وتكاثره هو الزواج، وذلك ضمن الأحكام والحدود والقواعد التي نظّمها الإسلام، وهذا النّسل هو الذي يصلُح به حال الأرض، ويكون قادرًا على إعمارها وخلافتها على الوجه الذي يبتغيه الله سبحانه وتعالى ويُرضيه.
- التمتّع النفسي والجسدي عند الطرفين: وهذا لا يتنافى مع التعبّد لله سبحانه وتعالى، فالنبي صلى الله عليه وسلم خيرُ العابدين ولكنّه كان يحبّ نساءه ويتمتّع بهنّ.
- المودة والرحمة بين الزّوجَين: هي من أجمل المشاعر والمُتَع التي خلقها الله عزّ وجلّ لعباده، ويسّرها لهم، قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرّوم: ٢].
- التّعاون بين الطّرفين في بناء مجتمعٍ سويّ: إذ تكونُ لَبِنة هذا المجتمع الأساسيّة هي الأسرة السليمة، قائمة على المشاركة، وتوزّع الحقوق والواجبات بشكلٍ صحيح بين أفرادها.
أُسس اختيار الزوج أو الزوجة
- الدّين: وهو أهم هذه الأسس، ويحرص كلا الطرفين على معرفة صلاح الآخر بكثرة السؤال عنه، والتعامل معه ضمن الضوابط الشرعية قبل إمضاء العقد.
- الشّرف والحسب: ويعني رفعة الشأن وعلوّه، والسيادة، والشهرة، وهي من الأمور التي يعتني بها الأفراد عند إقبالهم على الزواج.
- الجمال والأخلاق والأصل: وفيها يُعرف المرء بصفاته التي يتحلّى بها، سواءً أكانت صفات خُلُقية أم خَلقيّة.
- حصول الراحة والطمأنينة بين الطرفين قبل العقد الشرعي: أي أن يؤدَمَ بينهما، ويرضى كلٌّ منهما بالآخر، وهذا سبيلٌ لتنامي الحبّ بينهما فيما بعد.
- الغِنى والمال: الكثير من الناس يشترط الغِنى في شريكه، وأقلُّ المطلوب كَفاف العيش، والمقدرة على القيام بالواجبات الزوجيّة والأسريّة.